عندي محل لتحويل الأموال ، وأريد معرفة الطريقة الشرعية للتعامل فيما بيننا نحن أصحاب المهنة ، عندما أحول مثلا من إستانبول إلى أنقرة مبلغ ألف ليرة تركية ، أخبر المحل الذي أتعامل معه في أنقرة برسالة سلم فلان ابن فلان مبلغ ألف ليرة تركية ، ولك 10 ليرات تركية ، والعكس عندما يريد هو تحويل الأموال لي ، مع العلم إنه لا يوجد رصيد مالي لي عنده ،أو رصيد له عندي ، فنحن نتعامل بالثقة فيما بيننا ، وجرت العادة أن نتقابل كل 15 يوم أو أكثر بما لي أو له ، ويقوم كل طرف بدفع ماعليه سواء كان دولارا أو ليرة تركية حسب العملة المحولة ليتم ترصيد الحسابات . فهل هذه الطريقة جائزة ؟ وماهي الطريقة الشرعية ؟
الحمد لله.
أولا :
يجوز نقل النقود من بلد إلى آخر مقابل أجرة يحصل عليها الناقل ، وتسمى هذه العملية الآن بـ "تحويل النقود" .
وقد سبق بيان ذلك في السؤال رقم:(87656) .
فإن كان صاحب النقد "العميل" يعطيك النقود بعملة ، ويأخذها بعملة أخرى في بلد آخر ، فهو بيع نقد بنقد مع التحويل ، وقد سبق بيان حكم هذه المعاملة في السؤال : (147284 ) .
ثانيا :
إذا قلت لصاحبك في المدينة الأخرى : سَلِّم فلانا كذا – وليس لك رصيد عنده – فحقيقة هذه المعاملة أنك تقترض منه هذا المبلغ الذي تطلب منه تسليمه .
قال المرداوي الحنبلي رحمه الله في "الإنصاف" (12/311) :
"لو قال: أعْطِ فُلانًا كذا. صحَّ، وكان قَرْضًا" انتهى .
وإذا ثبت أن هذه المعاملة قرض ، فإنه لا يجوز أن يأخذ أكثر من القرض ، فقد أجمع العلماء على أن القرض الذي يتم الاتفاق فيه بتسديده بزيادة : أنه ربا .
قال ابن قدامة رحمه الله :
"وكل قرض شرط فيه أن يزيده فهو حرام بغير خلاف . قال ابن المنذر : أجمعوا
على أن المُسلف إذا شرط على المستلف زيادة أو هدية ، فأسلف على ذلك أن أخذ الزيادة
على ذلك ربا .
وقد روي عن أبي بن كعب وابن عباس وابن مسعود أنهم نهوا عن قرض جر منفعة" انتهى من"المغني" (6/436) .
وكونك تثق في صاحبك ، وهو يثق بك ، وتتعاملان بهذه الثقة : لا يجعل المعاملة حلالا ، لأن ما حرمه الله تعالى لا ينقلب حلالا برضى المتعامل ، أو ثقته في الطرف الآخر ، والواجب على المسلم أن يتقيد بالأحكام التي شرعها الله تعالى في القرض وغيره.
ثالثا :
أما الطريقة الشرعية لذلك ، فهي : أن يكون لك رصيد – أمانة - عند صاحبك يسدد منه هذه المبالغ ، أو تقوم بإيداع المبلغ المطلوب تسليمه في حساب صاحبك ، ثم تطلب منه بعد ذلك أن يسلمه لفلان .
ويجوز في هذه الحالة أن يأخذ أجرا لأن المعاملة بينكما الآن ليست قرضا ؛ وإنما هي توكيل منك لصاحبك في قضاء ما عليك من حق ، والوكالة بأجرة جائزة .
والله أعلم .