الحمد لله.
هذه المعاملة مشتملة على أمرين : صرف ، وهو مبادلة عملة بعملة . ونقل وتحويل للمال من بلد لآخر .
أما الصرف بين العملات فيشترط فيه التقابض في مجلس
العقد ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ ، وَالْفِضَّةُ
بِالْفِضَّةِ ...مِثْلًا بِمِثْلٍ ، سَوَاءً بِسَوَاءٍ ، يَدًا بِيَدٍ ، فَإِذَا
اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَدًا
بِيَدٍ ) رواه مسلم (2970) من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه .
والريالات والدولارات وغيرها من العملات أجناسٌ مستقلة لها ما للذهب والفضة من
الأحكام ، فلا يجوز شراء عملة بعملة إلا يدا بيد .
وهذا هو القبض الحقيقي . وذهب كثير من أهل العلم
إلى أن استلام الشيك المصدق ، أو ورقة الحوالة يقوم مقام قبض النقود .
جاء في قرار مجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي في دورته الحادية
عشرة ما نصه : " بعد الدراسة والبحث قرر المجلس بالإجماع ما يلي:
" أولا: يقوم استلام الشيك مقام القبض عند توفر شروطه في مسألة صرف النقود بالتحويل
في المصارف .
ثانياً: يعتبر القيد في دفاتر المصرف في حكم القبض لمن يريد استبدال عملة بعملة
أخرى سواء كان الصرف بعملة يعطيها الشخص للمصرف أو بعملة مودعة فيه " انتهى .
وفي "فتاوى اللجنة الدائمة" (13/448) : "وقبض الشيك أو ورقة الحوالة حكمه حكم القبض
في المجلس" انتهى .
وعليه ؛ فلو كانت العملية تتم عن طريق جهة تعطي
شيكا مصدقا أو ورقة حوالة معتمدة بعملة بلدك ، فلا حرج ؛ لحصول القبض الحكمي .
وأما إن كان التعامل مع شخص لا يعطي شيكا مصدقا ولا ورقة حوالة معتمدة ، فلا تجوز
هذه المعاملة لعدم التقابض في الصرف .
والمخرج في هذه المسألة عدة أمور :
أولا : أن ترسل إلى أهلك بعملة اليورو ، ويتولون هم صرفها هناك .
ثانيا : أن تدفع إليه عملة بلدك ليوصلها إلى أهلك بنفسه أو بوكيله ، مقابل عمولة ، وهذا من باب الوكالة بأجرة ، إن كان سيوصل نفس الأوراق التي أخذها منك .
ثالثا : أن تدفع إليه عملة بلدك على سبيل القرض ، فيوصل مثلها إلى أهلك عن طريق وكيله ، وهذه المعاملة تسمى عند الفقهاء بالسفتجة ، ويكون ربحه من هذه العملية استفادته من مبلغ القرض مدة بقائه عنده ، ويجوز أن يُعطى عمولة أو أجرة لأنه لا محظور في ذلك .
رابعا : يمكن تحقيق التقابض في هذه المصارفة باجتماع المتعاقدين ووكيليهما في وقت واحد ، والتخاطب عبر الهاتف ، وذلك بأن تعطي الشخص المبلغ باليورو ، في ساعة تتفق فيها مع أهلك ليكونوا عند نائب هذا الشخص ، فإذا دفعت المال إلى الصراف ، دفع نائبه إلى أهلك ما يقابله من عملتهم في نفس الوقت ؛ لأن قبض الوكيل كقبض موكّله .
قال في "كشاف القناع" (3/266) : "ولو وكل المتصارفان من يقبض لهما فتقابض الوكيلان قبل تفرق الموكلين جاز العقد , أي صح لأن قبض الوكيل كقبض موكله . وإن تفرق الموكلان قبل القبض بطل الصرف , افترق الوكيلان أو لا لتعلق القبض بالعقد . ولو تفرق الوكيلان ثم عادا بالمجلس وموكلاهما باقيان لم يتفرقا إلى التقابض صح العقد لما تقدم " انتهى مختصرا .
والله أعلم .
تعليق