الحمد لله.
أولا :
ما دام قد تم عقد النكاح فإنه لا يمكن أن تحصلي على الطلاق إلا إذا طلق الزوج – ووكيل الزوج يقوم مقامه – أو ترفعي أمرك إلى القضاء ويطلق عليه القاضي ، أو تختلعي منه عند القاضي أيضا .
فإن الطلاق بيد الزوج لا بيد غيره ، لكن هناك حالات يكون من حق المراة الحصول على الطلاق لسبب يقتضي ذلك ، كغياب الزوج ، أو امتناعه عن النفقة على زوجته ، أو سوء معاملته لها .. ونحو ذلك ، فيلزمه القاضي بالطلاق ، فإن امتنع حكم القاضي بالطلاق ولو كان ذلك بغير رضا الزوج .
جاء في "الموسوعة الفقهية" (29/11) :
"مَنْ لَهُ حَقُّ الطَّلاَقِ :
- الطَّلاَقُ : نَوْعٌ مِنْ أَنْوَاعِ الْفَرْقِ وَهُوَ مِلْكٌ لِلزَّوْجِ وَحْدَهُ ، ذَلِكَ أَنَّ الرَّجُل يَمْلِكُ مُفَارَقَةَ زَوْجَتِهِ إِذَا وَجَدَ مَا يَدْعُوهُ إِلَى ذَلِكَ ، بِعِبَارَتِهِ وَإِرَادَتِهِ الْمُنْفَرِدَةِ ، كَمَا تَمْلِكُ الزَّوْجَةُ طَلَبَ إِنْهَاءِ عَلاَقَتِهَا الزَّوْجِيَّةِ إِذَا وُجِدَ مَا يُبَرِّرُ ذَلِكَ ، كَإِعْسَارِ الزَّوْجِ بِالنَّفَقَةِ ، وَغَيْبَةِ الزَّوْجِ ، وَمَا إِلَى ذَلِكَ مِنْ أَسْبَابٍ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيهَا تَوْسِعَةً وَتَضْيِيقًا ، وَلَكِنَّ ذَلِكَ لاَ يَكُونُ بِعِبَارَتِهَا ، وَإِنَّمَا بِقَضَاءِ الْقَاضِي ، إِلاَّ أَنْ يُفَوِّضَهَا الزَّوْجُ بِالطَّلاَقِ ، فَإِنَّهَا فِي هَذِهِ الْحَال تَمْلِكُهُ بِقَوْلِهَا أَيْضًا .
فَإِذَا اتَّفَقَ الزَّوْجَانِ عَلَى الْفِرَاقِ ، جَازَ ذَلِكَ ، وَهُوَ يَتِمُّ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إِلَى قَضَاءٍ ، وَكَذَلِكَ الْقَاضِي ، فَإِنَّ لَهُ التَّفْرِيقَ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ إِذَا قَامَ مِنَ الأْسْبَابِ مَا يَدْعُوهُ لِذَلِكَ ...
وَالدَّلِيل عَلَى أَنَّ الطَّلاَقَ هَذَا حَقُّ الزَّوْجِ خَاصَّةً قَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (إِنَّمَا الطَّلاَقُ لِمَنْ أَخَذَ بِالسَّاقِ)" انتهى .
وحديث : (إِنَّمَا الطَّلاَقُ لِمَنْ أَخَذَ بِالسَّاقِ) رواه ابن ماجه من حديث ابن عباس وفي إسناده ضعف ، وقد حسنه الألباني في "إرواء الغليل" (2041) بشواهده .
وقال ابن القيم في "زاد المعاد" (5/254) :
"حُكْمُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّ الطَّلَاقَ بِيَدِ الزَّوْجِ لَا بِيَدِ غَيْرِهِ.
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ) [الأحزاب: 49]
[الْأَحْزَابِ: 49] ، وَقَالَ: (وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ) [البقرة: 231] [الْبَقَرَةِ: 231] ، فَجَعَلَ الطَّلَاقَ لِمَنْ نَكَحَ؛ لِأَنَّ لَهُ الْإِمْسَاكَ، وَهُوَ الرَّجْعَةُ، وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ فِي " سُنَنِهِ ": مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: (أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! سَيِّدِي زَوَّجَنِي أَمَتَهُ، وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنِي وَبَيْنَهَا. قَالَ: فَصَعِدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمِنْبَرَ، فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ مَا بَالُ أَحَدِكُمْ يُزَوِّجُ عَبْدَهُ أَمَتَهُ ثُمَّ يُرِيدُ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا، إِنَّمَا الطَّلَاقُ لِمَنْ أَخَذَ بِالسَّاقِ) .
...
وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا الْمُتَقَدِّمُ، وَإِنْ كَانَ فِي إِسْنَادِهِ مَا فِيهِ، فَالْقُرْآنُ يُعَضِّدُهُ، وَعَلَيْهِ عَمَلُ النَّاسِ" انتهى .
وبناء على هذا ، لا يحل لك الزواج أو الخطبة حتى يطلق الزوج أو القاضي ، لأنك لا تزالين في عصمة زوجك ، إلى أن يحصل هذا .
قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله : "لا يجوز لأحد أن يخطب زوجة غيره لا تصريحا ولا تعريضا" انتهى من "الشرح الممتع" (12/27) .
ثانيا :
إذا وقع الطلاق قبل الدخول ، فإن الزوجة لها نصف المهر ، لقول الله تعالى : (وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلاَّ أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلا تَنسَوْا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) البقرة/237.
وينظر السؤال رقم (175314) .
والذي نقترحه حلًّا للإشكال المذكور في سؤالك : أن توسطوا بعض العقلاء ، ويمكن أن يُجعل الذهب عند رجل أمين يرتضيه الطرفان ، ولا يعطيه وكيل الزوج حتى يتم الطلاق فعلًا .
والله أعلم .