الحمد لله.
أولا:
ستر المرأة لوجهها محل خلاف بين الفقهاء، منهم من أوجبه، ومنهم من استحبه، والراجح الوجوب، وقد سبق بيان ذلك مفصلا في جواب السؤال رقم (11774).
وليس للزوج أن يأمر زوجته بكشف وجهها ولو اعتقد أن الستر مستحب ما دامت الزوجة ترى الوجوب؛ لأن ذلك يوقعها فيما تراه معصية وقد قال صلى الله عليه وسلم: (لَا طَاعَةَ فِي مَعْصِيَةٍ إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ) رواه البخاري (7257) ومسلم (1840).
وقال صلى الله عليه وسلم: (لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ) رواه أحمد (1098).
وهذا من المسائل التي لو اختلف فيها الزوجان، فإن الزوجة تلزم رأيها، ولا تطيع زوجها، كما سبق بيانه في جواب السؤال رقم (97125).
ثانيا:
إذا كان الزوج يضرب زوجته إذا لبست النقاب أمامه، فهذا يبيح لها الكشف أمامه، ثم تلبسه فيما وراء ذلك، أي دون علمه.
وإذا احتجت للسفر مع زوجك، وكان يترتب على لبسك النقاب أذاه وإهانته لك، فلا حرج عليك في كشف الوجه حين يكون معك.
وينبغي علاج هذا الأمر بالنصح والتفاهم ، وبيان أن النقاب دائر بين الاستحباب والوجوب، فما معنى كراهة الزوج له، ومن الذي يبيح له ضرب الزوجة لأجل ذلك؟!
حتى لو افترضنا أن النقاب مستحب ، بل مباح ، وليس واجبا ، فكيف يسمح الزوج لنفسه أن يأمر زوجته بأمر خلاف أمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم لها ؟! أو كيف يضربها على أمر مباح لها ، لا يترتب عليه تضييع لحقه ؟!
ثالثا:
يلزم المرأة ستر جميع بدنها في الصلاة، إلا وجهها وكفيها، فالسنة كشف الوجه في الصلاة عند عدم وجود أجنبي من الرجال.
وأما الكفان فالأمر فيهما واسع، إن شاءت سترتهما وإن شاءت كشفتهما.
قال ابن قدامة رحمه الله: " لا يختلف المذهب في أنه يجوز للمرأة كشف وجهها في الصلاة، ولا نعلم فيه خلافا بين أهل العلم.
وأنه ليس لها كشف ما عدا وجهها وكفيها .
وفي الكفين روايتان.
واختلف أهل العلم؛ فأجمع أكثرهم على أن لها أن تصلي مكشوفة الوجه، وأجمع أهل العلم على أن للمرأة الحرة أن تخمر رأسها إذا صلت، وعلى أنها إذا صلت وجميع رأسها مكشوف أن عليها الإعادة.
وقال أبو حنيفة: القدمان ليسا من العورة؛ لأنهما يظهران غالبا، فهما كالوجه ...
وقال مالك، والأوزاعي، والشافعي: جميع المرأة عورة إلا وجهها وكفيها، وما سوى ذلك يجب ستره في الصلاة؛ لأن ابن عباس قال في قوله تعالى: ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها [النور: 31] قال: الوجه والكفين. ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى المحرمة عن لبس القفازين والنقاب. ولو كان الوجه والكفان عورة لما حرم سترهما...
فأما الكفان فقد ذكرنا فيهما روايتين: إحداهما: لا يجب سترهما؛ لما ذكرنا. والثانية: يجب، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: المرأة عورة . وهذا عام إلا ما خصه الدليل.
وقول ابن عباس: الوجه والكفان. قد روى أبو حفص عن عبد الله بن مسعود خلافه، قال: ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها [النور: 31] . قال: الثياب...".
إلى أن قال:
"ويكره أن تنتقب المرأة وهي تصلي لأنه يخل بمباشرة المصلَّى بجبهتها وأنفها، ويجري مجرى تغطية الفم للرجل، وقد نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عنه.
قال ابن عبد البر : وقد أجمعوا على أن على المرأة أن تكشف وجهها في الصلاة والإحرام" انتهى من المغني (1/ 430- 432).
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله: "أما الكفان فأمرهما أوسع ؛ إن كشفتهما فلا بأس، وإن سترتهما فلا بأس، وبعض أهل العلم يرى أن سترهما أولى" انتهى من فتاوى المرأة المسلمة، ص57
وينظر: جواب السؤال رقم (1046).
فإذا غطيت يديك في الصلاة، فلا إثم عليك، سواء فعلت ذلك بعلم زوجك أو دون علمه.
والله أعلم.