الحمد لله.
يجب على الزوجة أن تتبع زوجها إذا سافر، بشرطين:
الأول: ألا تكون قد اشترطت ألا يخرجها من بلدها، فإن شرطت ذلك كان لها الخيار بين المضي معه أو الفسخ.
الثاني: أن يكون الطريق آمنا، والبلد المنتقل إليه آمنا كذلك، فإن فُقِد الأمن لم يلزمها متابعته.
قال ابن قدامة رحمه الله: " وله السفر بها ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسافر بنسائه ، إلا أن يكون سفرا مخوفا ، فلا يلزمها ذلك" انتهى من "المغني" (7/ 223).
وقال في الروض المربع ص546 : " (وله) أي: للزوج (السفر بالحرة) مع الأمن؛ لأنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأصحابه كانوا يسافرون بنسائهم (ما لم تشترط ضده) أي: أن لا يسافر بها، فيوفي لها بالشرط، وإلا فلها الفسخ" انتهى.
فإذا تحقق الشرطان، فأبت الزوجة السفر مع زوجها : كانت عاصية ناشزا .
فإن طلبت مع ذلك الطلاق فقد ارتكبت إثما آخر؛ لما روى أبو داود (2226) والترمذي (1187) وابن ماجه (2055) عَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا طَلاقًا فِي غَيْرِ مَا بَأْسٍ فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّة ) صححه الألباني في صحيح أبي داود .
والبأس : هو الأمر والسبب الملجئ للطلاق .
وللزوج حينئذ أن يأبى طلاقها ، وأن يلجئها للخلع لتتنازل عن مهرها ، أو تفتدي بعض مالها.
وبناء على ذلك: فإن كان هناك خوف حقيقي عليك ، أو على أبنائك في بلد الزوج : لم يلزمك الانتقال، ولك طلب الطلاق إذا لم تجدي وسيلة لتفادي هذا السفر غير ذلك.
وأما إن كان الخوف متوهما، وليس حقيقيا، ولا يتعرض أحد للنساء والأولاد : فليس لك الامتناع من السفر، ولا يحل لك طلب الطلاق حينئذ.
وينبغي أن تعلمي أن اختلاف أحوال المعيشة، أو ضعف المدارس، ونحو ذلك : ليس عذرا في التخلف عن السفر مع الزوج .
كما أن الأولاد يكونون مع من يستحق الحضانة، وفي ذلك خلاف وتفصيل، وانظري: جواب السؤال رقم (91862) ورقم (8189) .
فربما كان طلاقك وامتناعك عن السفر سببا في تشتيت أسرتك، وتفريق أولادك.
ولا ينبغي أن تقدمي على شيء –إذا كان مباحا- قبل الاستخارة ، واستشارة ذوي العقل والحكمة والنصيحة ممن حولك ، ممن يعطون للأمر قدره ، ويصدقونك النصيحة .
والله أعلم.