الحمد لله.
أولا :
الحديث المذكور في السؤال : ضعيف جدا .
أخرجه الترمذي في "سننه" (2799) وأبو يعلى في "مسنده" (791) ، والبزار في "مسنده" (1114) ، من طريق أبي عامر العقدي .
وأخرجه ابن قتيبة في "غريب الحديث" (1/297) والبرجلاني في "الكرم" (12) ، من طريق المعافى بن عمران .
وأخرجه الدورقي في "مسند سعد بن أبي وقاص" (31) من طريق أبي نعيم الفضل بن دكين .
وأخرجه الخطيب في "الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع" (855) من طريق المغيرة بن عبد الرحمن :
أربعتهم (أبو عامر العقدي – المعافى بن عمران – أبو نعيم – المغيرة) عن خالد بن إياس ، عن مهاجر بن مسمار ، عن عامر بن سعد بن أبي وقاص ، عن أبيه .
وخالفهم عبد الله بن نافع فرواه عن خالد بن إياس ، عن عامر بن سعد ، عن أبيه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم به .
أخرجه من طريقه أبو يعلى في "مسنده" (79) وابن حبان في "المجروحين" (1/279) وابن عدي في "الكامل" (3/414).
والحديث مداره على خالد بن إلياس ، أو إياس ، وهو متروك الحديث لا تحل الرواية عنه ، قال البخاري :" ليس بشيء منكر الحديث " ، وقال ابن معين :" ليس بشيء " . كذا في "الضعفاء" للعقيلي (2/3) ، وقال أحمد بن حنبل :" متروك الحديث " ، وقال أبو نعيم :" لا يسوى حديثه فلسين " ، وقال أبو حاتم :" ضعيف الحديث منكر الحديث " انظر "الجرح والتعديل" (3/321) ، وقال النسائي :" متروك الحديث " . كذا في "الضعفاء والمتروكون" للنسائي (172) ، وقال ابن حبان في "المجروحين" (1/279) :" يروي الموضوعات عَن الثِّقَات حَتَّى يسْبق إِلَى الْقلب أَنَّهُ الْوَاضِع لَهَا ، لَا يحل أَن يكْتب حَدِيثه إِلَّا عَلَى جِهَة التَّعَجُّب ". انتهى .
والحديث ضعفه ابن الجوزي كما في "العلل المتناهية" (1186) ، وابن رجب كما في "جامع العلوم والحكم" (ص99) ، وابن حجر كما في "المطالب العالية" (2260) ، والبوصيري كما في "إتحاف الخيرة المهرة" (1510) ، والشيخ الألباني كما في "ضعيف سنن الترمذي" (74) .
وللحديث طريق آخر ، أخرجه الدولابي في "الكنى والأسماء" (1203) من طريق داود بن رشيد ، قال : حدثنا أبو الطيب هارون بن محمد ، قال : حدثنا بكير بن مسمار ، عن عامر بن سعد ، عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم به .
وهو طريق تالف أيضا، فيه هارون بن محمد أبو الطيب ، كذبه ابن معين كما في "الكامل" لابن عدي (8/441).
وله طريق ثالث ، أخرجه ابن عدي في "الكامل" (6/510) من طريق أحمد بن بديل عن حسين بن علي الجعفي عن ابن أبي رواد عن سالم عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم به . تفرد به عبد العزيز بن أبي رواد ، ولذا عده ابن عدي من مناكيره ، وحكم الشيخ الألباني على هذه الرواية بأنها منكرة كما في "السلسلة الضعيفة" (7086) .
وأما سؤال السائل الكريم عن الأحاديث التي تحث على النظافة فهي كثيرة جدا ، منها ما يلي :
1- أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل الطهور شطر الإيمان ، حيث قال صلى الله عليه وسلم :" الطُّهُورُ شَطْرُ الْإِيمَانِ ". أخرجه مسلم (211) ، والطهارة معنى كلي يشمل النظافة بلا شك .
2- الأحاديث الكثيرة التي فيها الحث على الاغتسال يوم الجمعة وفي العيدين ، كما في البخاري (879) ومسلم (846) من حديث أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: غُسْلُ يَوْمِ الجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ ، وكذلك أمره صلى الله عليه وسلم الصحابة الذين كانوا يعملون فتخرج منهم بعض الرائحة فأمرهم بالغسل ، ففي صحيح البخاري (903) ، ومسلم (847) عن عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: " كَانَ النَّاسُ مَهَنَةَ أَنْفُسِهِمْ ، وَكَانُوا إِذَا رَاحُوا إِلَى الجُمُعَةِ ، رَاحُوا فِي هَيْئَتِهِمْ فَقِيلَ لَهُمْ: لَوِ اغْتَسَلْتُمْ ".
3- حث النبي صلى الله عليه وسلم على تنظيف الفم واستعمال السواك ، حيث قال صلى الله عليه وسلم : السِّوَاكُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ ، مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ . أخرجه النسائي في "سننه" (5) ، وصححه الشيخ الألباني في "إرواء الغليل" (66) .
4-حث النبي صلى الله عليه وسلم على غسل الثياب وتنظيفها ، فعند أبي داود في سننه (4062) عن جابرِ بنِ عبدِ الله ، قال: أتانا - رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - فرأى رجُلاً شعِثاً قد تفرَّقَ شَعرُهُ ، فقال: أما كان هذا يَجدُ ما يُسَكِّنُ به شَعْرَهَ؟ ورأى رجُلاً آخر عليه ثيابٌ وسِخَة فقال: أَما كان هذا يجدُ ما يَغسِلُ به ثوبَهُ؟ . والحديث صححه الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة (493) .
5-ترغيب النبي صلى الله عليه وسلم أمته ببناء المساجد في البيوت ، مع تنظيفها وتطييبها ، فعن عائشة رضي الله عنها قَالَتْ:" أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وسلم ببنيان المساجد في الدور ، وأمر أن تنظف وتطيب ". أخرجه أحمد في "المسند" (26386) ، وصححه الشيخ الألباني في "السلسلة الصحيحة" (2724)
6-حث النبي صلى الله عليه وسلم أمته على تنظيف أفنية البيوت وتطهيرها ، حيث قال صلى الله عليه وسلم : طَهِّرُوا أَفْنِيَتَكُمْ ، فَإِنَّ الْيَهُودَ لَا تُطَهِّرُ أَفْنِيَتَهَا . أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط" (4057) ، وحسنه الشيخ الألباني في "السلسلة الصحيحة" (236) .
ولم يقف الأمر بالنظافة على مجرد النظافة الشخصية ، ونظافة المساجد والبيوت ، بل وصل الأمر إلى تنظيف الطرق ، حتى أصبح ذلك عادة مطردة تعلمها الصحابة رضوان الله عليهم ونقلوها ، حتى إن محمد بن سيرين يقول : لَمَّا قَدِمَ أبو موسى الْأَشْعَرِيُّ الْبَصْرَةَ، قَالَ لَهُمْ:" إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بَعَثَنِي إِلَيْكُمْ لِأُعَلِّمَكُمْ سُنَّتَكُمْ ، وَإِنْظَافَكُمْ طُرُقَكُمْ " . أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (25923) بإسناد صحيح .
والله أعلم .