الحمد لله.
أولا:
الذي اتفق عليه أهل العلم؛ أن من عفا عن ظالمه في مظلمة مضى وقوعها : فليس له الرجوع عن هذا العفو.
وقد بوّب البخاري في صحيحه بابا؛ قال فيه: بَابُ إِذَا حَلَّلَهُ مِنْ ظُلْمِهِ فَلاَ رُجُوعَ فِيهِ.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى:
"وهو ، فيما مضى : باتفاق .
وأما فيما سيأتي : ففيه خلاف " انتهى. "فتح الباري" (5 / 102).
ثانيا:
العفو عن الظالم؛ حقيقته إسقاط المظلوم لحقه في المطالبة بمظلمته.
والقاعدة التي عليها أهل العلم : "أن الساقط لا يعود" .
جاء في "الموسوعة الفقهية الكويتية" (4 / 254):
" الساقط لا يعود.
من المعلوم أن الساقط ينتهي ويتلاشى، ويصبح كالمعدوم ، لا سبيل إلى إعادته إلا بسبب جديد، يصير مثله ، لا عينه .
فإذا أبرأ الدائن المدين فقد سقط الدين، فلا يكون هناك دين، إلا إذا وجد سبب جديد .
وكالقصاص : لو عفي عنه : فقد سقط ، وسلمت نفس القاتل، ولا تستباح إلا بجناية أخرى، وهكذا " انتهى.
فإذا كانت المظلمة بعد العفو في حكم المعدوم؛ فالدعاء على الظالم بعد العفو : يكون من باب الاعتداء المنهي عنه ، الذي لا يحبه الله تعالى.
قال الله تعالى: ( ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ) الأعراف (55).
والله أعلم.