الحمد لله.
الاجابةأولا:
لا يجوز للأب أن يضرب ولده ضربا مبرحا، ولا أن يهدده بالإبلاغ عنه كذبا، ولا أن يمنعه من الخروح من المنزل لأداء واجب ، كالخروج لصلاة الجماعة.
وفي الموسوعة الفقهية (45/ 170) : " تأديب الصغير إنما يبدأ بالقول، ثم بالوعيد، ثم بالتعنيف، ثم بالضرب. وهذا الترتيب تلزم مراعاته، فلا يرقى إلى مرتبة إذا كان ما قبلها يفي بالغرض، وهو الإصلاح.
وفي ذلك يقول العز ابن عبد السلام: ومهما حصل التأديب بالأخف من الأفعال والأقوال، لم يعدل إلى الأغلظ، إذ هو مفسدة لا فائدة فيه، لحصول الغرض بما دونه.
كذلك يشترط في الضرب عند مشروعية اللجوء إليه: أن يغلب على الظن تحقيقه للمصلحة المرجوة منه، وأن يكون غير مبرح ولا شاق، وأن يتوقى فيه الوجه والمواضع المهلكة.
قال العز ابن عبد السلام: ومن أمثلة الأفعال المشتملة على المصالح والمفاسد مع رجحان مصالحها على مفاسدها: ضرب الصبيان على ترك الصلاة والصيام وغير ذلك من المصالح. فإن قيل: إذا كان الصبي لا يصلحه إلا الضرب المبرح، فهل يجوز ضربه تحصيلا لمصلحة تأديبه؟
قلنا: لا يجوز ذلك. بل لا يجوز أن يضربه ضربا غير مبرح، لأن الضرب الذي لا يبرح مفسدة، وإنما جاز لكونه وسيلة إلى مصلحة التأديب، فإذا لم يحصل التأديب به، سقط الضرب الخفيف كما يسقط الضرب الشديد، لأن الوسائل تسقط بسقوط المقاصد.
ثم إن الحنفية قيدوا جواز ضرب الولد، حيث لزم ضربه، بأن يكون باليد فقط، فلا يضربه الولي بغيرها من سوط أو عصا.
ونص الحنابلة والحنفية على أنه ليس له أن يجاوز بضربه الثلاث" انتهى.
هذا في ضرب الصغير. وأما البالغ فمنهم من منع ضربه، ومنهم من أجازه للتأديب وراعى فيه ما سبق من الشروط.
قال ابن مفلح رحمه الله في الفروع (9/ 328): "وظاهر كلامهم: يؤدب الولد، ولو كان كبيرا مزوجا منفردا في بيت ، لقول عائشة لما انقطع عقدها وأقام النبي صلى الله عليه وسلم، بالناس على غير ماء: ( فعاتبني أبو بكر وقال ما شاء الله أن يقول، وجعل يطعن بيده في خاصرتي ) .
ولما روى ابن عمر: (لا تمنعوا إماء الله مساجد الله) قال ابنه بلال: والله لنمنعن. فسبه سبا سيئا، وضرب في صدره.
قال ابن الجوزي في كتاب السر المصون: معاشرة الولد باللطف والتأديب والتعليم، وإذا احتيج إلى ضربه ضرب، ويحمل على أحسن الأخلاق ، ويجنب سيئها" انتهى.
ومنع من ذلك الشافعية.
قال في مغني المحتاج (5/ 525): " للأب والأم ضرب الصغير والمجنون، زجرا لهما عن سيئ الأخلاق، وإصلاحا لهما. قال شيخنا: ومثلهما السفيه .
وعبارة الدميري: وليس للأب تعزير البالغ وإن كان سفيها على الأصح، وتبعه ابن شهبة" انتهى. وينظر: تحفة المحتاج (9/ 179) .
ثانيا:
لا يجوز أن يقابل الابن ضرب أباه بالمثل، فإن ذلك من أشد العقوق، لكن له أن يفر منه، وأن يتحاشى ضربه قدر استطاعته.
ثالثا:
إذا استمر والدك في هذه المعاملة، فلا حرج أن ترفع أمرك إلى ديوان المظالم، لرفع الظلم عنك، ولتفادي أثر بلاغه الكاذب لو حصل.
ولا حرج عليك في أن تستقل بمعيشتك ، والانفراد في مسكن مستقل بعيدا عنه ، لتتفادى ضرره ، وأذاه لك .
مع الانتباه إلى أن ذلك لا يبيح لك قطيعته ، وترك صلته ؛ فمهما بدر من الأب من قسوة أو إساءة فإن ذلك لا يسقط حقه في البر والإحسان.
وانظر ما قدمناه من نصائح بهذا الخصوص في جواب السؤال رقم (122178) ، ورقم : (96576) .
والله أعلم.