أنفق على علاج والده فهل له الرجوع بها على التركة؟

01-10-2017

السؤال 278391

أنا صاحب الفتوى رقم (268998) ، بداية أوضح أنني ما أعيد طرح سؤالي عليكم إلا لتقديري العظيم لموقعكم ولحرصي على اتباع رأيكم الذي أقدمه على غيره لما عهدته فيكم من العلم والإخلاص ولا نزكيكم على الله، وما قصدت أن أوجهكم لما فيه مصلحتي أو يرضاه هواي بل أريدكم أن توجهوني للحق أينما كان، لكن حينما تأخرتم في الرد -و أقدر الضغط عليكم ولكم عذركم - فقد كان لا بد من حسم هذا الأمر سريعا لتوزيع التركة على الورثة، لذلك اسمحوا لي أن أوضح لكم ما قمت به قبل أن يصلني ردكم : فقد كان والدي يمتلك سيارة صغيرة عزف عن قيادتها لكبر سنه فكنت أنا من يقودها معظم الوقت ،حتى اقترحت عليه أن يكتبها باسمي لأجنبه مشقة ترخيصها في المرور و الفحص الفني و دفع المخالفات وما إلى ذلك، ولما فعل عاهدت نفسي أنها سيارته إن مات اعتبرتها من التركة، كما أوصيت زوجتي أنني إن مت أن تعيدها لوالدي ولا حق لها أو أبنائي فيها، فلما توفاه الله سألت عن سعر مثيلتها فوجدته ستة وثلاثين ألفا وكنت قد أنفقت في مرض والدي ثمانية وعشرين، عندها اعتبرت أنه حين تنازل لي عن السيارة كأنه باعها لي وأنني مدين له بثمنها وأن ما أنفقت على علاجه كان من ماله الذي عندي، أو لكأنه عندما مرض و نفد ماله باع سيارته وكنت أنا المشتري وما أنفقته عليه كان من ثمنها . الخلاصة أنني لما اطمأن قلبي لهذا الطرح توجهت للورثة بمبلغ ثمانية آلاف وأخبرتهم أن هذا ما تبقى من ثمن السيارة يوزع عليهم وأنا منهم ورضوا جميعا . معذرة لشرحي المفصل لمسألتي لكني أعيد عليكم أنني أثق في رأيكم ، وما أردت إلا أن أرد الحقوق لأصحابها فأرجو الإفادة إن كنت أصبت فيما فعلت أم أخطأت. وجزاكم الله خيرا

الجواب

الحمد لله.

قد قدمنا في جواب سؤالك (268998) أن ثمن علاج والدك واجب عليك؛ لأن العلاج من جملة النفقة، فإذا احتاج إليه الوالد وجبت على القادر من أبنائه.

وما ذكرته هنا من اعتبار تنازله لك عن السيارة بيعاً لك، لا يصح؛ فإن البيع لابد فيه من التصريح، وقد ذكرت أن تسجيل السيارة باسمك ما كان إلا لأجل تجنيبه المشقة في متابعة الترخيص ونحوه.

ويؤكد ذلك أنك عزمت على أن تعيدها للتركة ، إن مات والدك ، وأوصيت زوجتك ...

وحين احتاج والدك لثمن العلاج، كان يمكن بيع السيارة ، أو بيع شيء من أملاكه التي لا يحتاجها للوفاء بذلك، وحيث إن ذلك لم يحصل، فما قمت به من بذل المال في ذلك وقع موقع الواجب عليك، ولا يجوز أن تعتبره دينا على والدك، ولا ثمنا لسيارته.

وعليه : فما قمت به من اعتبار السيارة ملكا لك، وأن ثمنها دين عليك ، وأن ما بذلته في العلاج هو سداد لما عليك: خطأ بيّن، وعليك أن تدخل السيارة في التركة .

فإن رضي الورثة بأخذك لها، وتعويضهم مالا : فلا حرج .

وكذلك إن تنازلوا عن حقهم فيها لك : فلا حرج .

وإن لم يرضوا بذلك : فإنها تباع ويقسم ثمنها على الورثة.

وننبه على أن من أنفق على غيره ولو تبرعا – في حال لم تجب عليه النفقة- أنه إذا لم ينو الرجوع والمطالبة : فليس له الرجوع، ورجوعه محرم لأنه رجوع في الهبة.

وأما إذا كان الإنفاق عليه واجبا، فإنه لا يصح له نية الرجوع والمطالبة من أصله .

قال البهوتي في كشاف القناع (4/ 27): " (فإن لم يستأذن) المنفِق ، من مستأجِر أو غيره (الحاكم ، وأنفق بنية الرجوع : رجع) على ربها بما أنفقه ؛ لأنه قام عنه بواجب غير متبرع به ، وتقدم في الرهن . (وإلا) ينو الرجوع : (فلا) رجوع له ؛ لأنه متبرع" انتهى.

وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (16/ 205) : " لي والد يناهز من العمر حوالي خمسة وسبعين عاما، ولا زال على قيد الحياة، له بيت مبني من الطين وقديم ، ويقع في مكان مناسب، وقمت بهدم البيت وإعادة بنائه من جديد من المسلح على حسابي أنا ... الخ ".

وجاء في الجواب : " أما ما ذكرته من إنفاقك على بيت أبيك :

فإن كنت متبرعا بذلك في قرارة نفسك وقت الإنفاق : فالله يأجرك ، وليس لك الرجوع به على والدك .

وإن كنت أنفقته بنية الرجوع : فلك ذلك " انتهى .

والله أعلم.

النفقة
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب