الحمد لله.
أولاً:
الْمَبِيتُ بِمِنًى لَيَالِيَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَاجِبٌ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ، يَلْزَمُ الدَّمُ لِمَنْ تَرَكَهُ بِغَيْرِ عُذْرٍ. وَالْقَدْرُ الْوَاجِبُ لِلْمَبِيتِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ هُوَ مُكْثُ أَكْثَرِ اللَّيْلِ.
ومن ترك واجبا من واجبات الحج - ومنها المبيت في منى - بغير عذر فعليه دم؛ شاة تذبح في مكة وتوزع على فقرائها .
لكن إذا كان ترك المبيت بمنى لعذر كمن لم يجد مكانا فيها ، أو كان يضطر للمبيت خارجها لخدمة الحجاج ، كما كان العباس بن عبد المطلب لا يستطيع أن يبيت بمنى لأنه يقوم على سقاية الحجيج ، فلا شيء عليه ؛ لقول الله تعالى : ( فاتَّقوا الله ما استَطَعْتُم ).
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: (اسْتَأْذَنَ العَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَبِيتَ بِمَكَّةَ لَيَالِيَ مِنًى، مِنْ أَجْلِ سِقَايَتِهِ، فَأَذِنَ لَهُ) رواه البخاري (1634)، ومسلم (346).
وقال الشيخ ابن باز:
" إذا اجتهد الحاج في التماس مكان في منى ليبيت فيه، فلم يجد؛ فلا حرج عليه أن ينزل خارجها ، ولا فدية عليه ؛ لعموم قول الله سبحانه: ( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) وقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم ) انتهى من "فتاوى الشيخ ابن باز" (16/149).
وينظر جواب السؤال: (21258).
ثانيا:
طواف الإفاضة ركن من أركان الحج لا يتحلل المحرم التحلل الأكبر إلا بفعله، وبناء على ذلك فزوجتك لا تزال محرمة، والواجب في حقها أمور:
1- الامتناع عن الجماع حتى تطوف للإفاضة ، وتتحلل التحلل الأكبر، وما حصل من ذلك حال جهلكم بالحكم، فتعذرون بالجهل، ولكن يلزمكم الامتناع من الآن.
2- يجب عليها أن ترجع إلى مكة لتطوف طواف الإفاضة، فطواف الإفاضة ركن من أركان الحج؛ لا يجبره دم ولا يسقط بحال.
قال ابن عبد البر:
"الطَّوَافُ الْحَابِسُ لِلْحَائِضِ الَّذِي لَا بُدَّ مِنْهُ هُوَ "طَوَافُ الْإِفَاضَةِ"، وَكَذَلِكَ يُسَمِّيهِ أَهْلُ الْحِجَازِ "طَوَافَ الْإِفَاضَةِ" ، وَيُسَمِّيهِ أَهْلُ الْعِرَاقِ "طَوَافَ الزِّيَارَةِ" ، وَهُوَ وَاجِبٌ فَرْضًا عِنْدَ الْجَمِيعِ ، لَا يَنُوبُ عَنْهُ دَمٌ ، وَلَا بُدَّ مِنَ الْإِتْيَانِ بِهِ ، وَإِيَّاهُ عَنَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِقَوْلِهِ : (ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ)" انتهى من "التمهيد" (17/267) .
ويستحب أن يكون الدخول إلى مكة بعمرة ، ثم إذا فرغت منها وقصرت من شعرها ، طافت للإفاضة ، وذلك حتى لا تدخل مكة بغير إحرام .
فإن طافت للإفاضة وخرجت من مكة بعد ذلك مباشرة ، فلا وداع عليها .
وإن كانت قد رجعت إلى بلادها ، وعجزت عن المجيء لمكة ، لبُعْد بلادها وعجزها المالي أو لمرض أو نحو ذلك ، فإنها تأخذ حكم المحصر عن إكمال الحج ، فتذبح شاة في مكانها وتوزعها على الفقراء والمساكين ، ثم تقصر شعرها ، وبهذا تتحلل من الإحرام ، ولا شيء عليها بعد ذلك .
لكن إن كانت هذه هي حجة الإسلام ، فإنها تبقى في ذمتها ؛ لأن حجها هذا لم يكتمل ، فمتى ما استطاعت الحج وجب عليها .
وينظر للفائدة: جواب السؤال: (85667)، ورقم: (112271)، ورقم: (280967).
والله أعلم.