الحمد لله.
أولا:
لا يجوز كتابة المصحف بغير الرسم العثماني، وهذا متفق عليه .
ويتسامح في كتابة الآية والآيتين ونحو ذلك، مما يكتب في كتب العلم ، لا في المصحف الشريف .
وينظر : جواب السؤال رقم : (98922) ، ورقم : (97741) .
ثانيا:
المصحف الباكستاني الموجود بالحرمين الشريفين مكتوب وفق قواعد الرسم العثماني، لكن بالخط الباكستاني، وهذا لا حرج فيه، فالرسم العثماني له قواعد تخالف الرسم الإملائي، في حذف الألفات ونحوها، ككتابة (الصلواة) و(السموات) .
فإذا التزم بقواعد الرسم العثماني في الكتابة : فهذا هو المطلوب .
ولا عبرة باختلاف نوع الخط ، من نسخ ، أو رقعة ، أو ثلث ، أو نحو ذلك .
وتوجد خلافات يسيرة بين علماء الرسم، ويظهر أثر ذلك في كتابة بعض المصاحف.
ومن أشهر ما كتب في هذا العلم:
كتاب " المقنع في معرفة مرسوم مصاحف أهل الأمصار": ألفه أبو عمرو الداني ت 444 هـ، وقد اشتهر هذا الكتاب شهرة فائقة، وزاد في شهرته وتداوله أن الإمام أبا القاسم الشاطبي (ت 590 هـ) نظمه في قصيدته الرائية المشهورة باسم «عقيلة أتراب القصائد".
وكتاب "التبيين لهجاء التنزيل": ألفه أبو داود سليمان بن نجاح الأندلسي (ت 496 هـ) وهو تلميذ أبي عمرو الداني ، وقد لازمه كثيرا وأخذ عنه القراءات، وجعل هذا الكتاب في ستة مجلدات، ثم جرّد منه كتابا مختصرا سماه: التنزيل في هجاء المصاحف.
وقد أفاد بعض المختصين : أن المصاحف المطبوعة في البلاد العربية على منهج ابن نجاح غالبا .
والمصاحف المطبوعة في شبه القارة الهندية وباكستان مطبوعة على منهج أبي عمرو الداني شيخ ابن نجاح.
وقد أذيعت ندوة خاصة عن رسم المصاحف الباكستانية في إذاعة "نداء الإسلام" بمكة المكرمة, وكان ضيف الحلقة الدكتور محمد شفاعت رباني (الباحث العلمي بمركز الدراسات القرآنية في مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف), وكان ذلك في 5/ صفر 1436هـ، وكان كلامه منصباً على رسم المصاحف الهندية الباكستانية ، ومناهجها ، فذكر أنها التزمَتْ بمنهج الإمامين: الداني والشاطبي في الرسم.
وينظر:
https://vb.tafsir.net/tafsir31676/#.Wp-gTvy8Zdh
والحاصل :
أن المصحف الباكستاني الموجود بالحرمين وغيرهما، مكتوب وفق قواعد الرسم العثماني، مع اختلاف شكل الخط، وهذا لا أثر له.
ثالثا:
أسماء السور توقيفية عند أكثر أهل العلم، كما سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم : (131664) .
وقد يكون للسورة أكثر من اسم، كسورة الإسراء، فإنه يقال لها كذلك: سورة بني إسرائيل، ولهذا تسمى في بعض المصاحف بالأول، وفي بعضها بالثاني، ولا حرج في ذلك.
وقد ردت تسمية سورة " الإسراء " بسورة " بني إسرائيل " في أثرين صحيحين موقوفين :
الأول : عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه قال : " في بَنِي إِسْرَائِيلَ وَالْكَهْفُ وَمَرْيَمُ وَطه وَالْأَنْبِيَاءُ : هُنَّ مِنْ الْعِتَاقِ الْأُوَلِ ، وَهُنَّ مِنْ تِلَادِي" رواه البخاري (4994) .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
" ( مِنَ العِتَاقِ ) جمع عتيق وهو القديم ، أو هو كل ما بلغ الغاية في الجودة ، وبالثاني جزم جماعة في هذا الحديث .
وقوله : ( هُنَّ مِن تِلَادِي ) أي : مما حفظ قديما ، والتلاد قديم الملك ، وهو بخلاف الطارف [الطارف هو المستحدث من المال . "لسان العرب" (4/2657)] .
ومراد ابن مسعود : أنهن من أول ما تعلم من القرآن ، وأن لهن فضلا ، لما فيهن من القصص وأخبار الأنبياء والأمم " انتهى من " فتح الباري " (8/388).
الثاني : عن عائشة رضي اللّه عنها قالت : ( كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ لا يَنَامُ حَتَّى يَقرَأَ بَنِي إِسرَائِيلَ وَالزُّمَر ) رواه الترمذي (3402) وقال : حديث حسن . وحسّنه الحافظ ابن حجر في "نتائج الأفكار" (3/65)، وصححه الألباني في " صحيح الترمذي " .
قال العلامة الطاهر بن عاشور رحمه الله :
" سميت في كثير من المصاحف سورة الإسراء ، وصرح الألوسي بأنها سميت بذلك ، إذ قد ذكر في أولها الإسراء بالنبي صلى الله عليه وسلم ، واختصت بذكره .
وتسمى في عهد الصحابة سورة بني إسرائيل ... ؛ ووجه ذلك : أنها ذكر فيها من أحوال بني إسرائيل ، ما لم يذكر في غيرها ، وهو استيلاء قوم أولي بأس - الآشوريين - عليهم ، ثم استيلاء قوم آخرين ، وهم الروم ، عليهم .
وتسمى أيضا سورة سبحان ؛ لأنها افتتحت بهذه الكلمة " انتهى من " التحرير والتنوير " (15/5).
والله أعلم.