الحمد لله.
أولًا:
معنى قوله تعالى : (وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا * لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا * تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا) يقول تعالى ذكره : وقال هؤلاء الكافرون بالله (اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا * لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا) مريم/88- 89 يقول تعالى ذكره للقائلين ذلك من خلقه: لقد جئتم أيها الناس شيئا عظيما من القول منكرا.
وقوله: ( تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا * أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا ) أي: يكاد يكون ذلك عند سماعهن هذه المقالة من فجرة بني آدم، إعظاما للرب وإجلالا؛ لأنهن مخلوقات ومؤسسات على توحيده، وأنه لا إله إلا هو، وأنه لا شريك له، ولا نظير له ولا ولد له، ولا صاحبة له، ولا كفء له، بل هو الأحد الصمد ، لم يلد ولم يولد .
انظر: "تفسير الطبري" (15/ 635)، و"تفسير ابن كثير"(5/ 266).
يقول الشيخ السعدي: " وهذا تقبيح وتشنيع لقول المعاندين الجاحدين، الذين زعموا أن الرحمن اتخذ ولدا، كقول النصارى: المسيح ابن الله، واليهود: عزير ابن الله، والمشركين: الملائكة بنات الله، تعالى الله عن قولهم علوا كبيرا.
( لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا ) أي: عظيما وخيما.
من عظيم أمره أنه (تَكَادُ السَّمَاوَاتُ) على عظمتها وصلابتها ( يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ ) أي: من هذا القول ( وَتَنْشَقُّ الأرْضُ ) منه، أي: تتصدع وتنفطر ( وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا ) أي: تندك الجبال " انتهى من "تفسير السعدي" (501).
ثانيًا:
أما تنويع استخدام الفعل مع السماء والأرض:
1- ذهب أكثر العلماء أن الانفطار والانشقاق بمعنى واحد، وأنهما ذُكرا هنا على سبيل التنويع، يقول ابن عاشور: " والتفطر: الانشقاق .
والجمع بينه وبين وتنشق الأرض : تفنن في استعمال المترادف ، لدفع ثقل تكرير اللفظ " انتهى من "التحرير والتنوير"(16/ 170).
2- وقيل: أن الانفطار هنا بمعنى: السقوط، والانشقاق بمعنى: الخسف .
انظر: "البحر المحيط" (7/ 301) .
وقد يرجع هذا المعنى إلى الأول من وجه .
والله أعلم .