لماذا لم يتزوج شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله؟

08-08-2018

السؤال 285336

لماذا لم يتزوّج ابن تيمية بما أنّه السنّة؟

ملخص الجواب:

أن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله لم يترك النكاح رغبة عنه ولا زهداً فيه، وإنما تركه لما كان فيه من جهاد ودعوة ، وما ابتلي به من الحبس والتغريب.  

الجواب

الحمد لله.

أولا :

لا شك أن النكاح من سنن المرسلين ، وقد تزوج النبي صلى الله عليه وسلم ، وتزوج أصحابه رضي الله عنهم ، وقد قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:  النِّكَاحُ مِنْ سُنَّتِي، فَمَنْ لَمْ يَعْمَلْ بِسُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي، وَتَزَوَّجُوا، فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمُ الْأُمَمَ، وَمَنْ كَانَ ذَا طَوْلٍ فَلْيَنْكِحْ، وَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَعَلَيْهِ بِالصِّيَامِ، فَإِنَّ الصَّوْمَ لَهُ وِجَاءٌ  .

رواه ابن ماجة (1846) ، وحسنه الألباني .

وعن أَنَس بْن مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال : أَمَا وَاللَّهِ ، إِنِّي لَأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ ، وَأَتْقَاكُمْ لَهُ، لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي  رواه البخاري (5063)، ومسلم (1401) .

ثانيا :

الناس في النكاح على ثلاثة أقسام :

الأول : من يخاف على نفسه الوقوع في محظور إن ترك النكاح ، فهذا يجب عليه النكاح في قول عامة الفقهاء ، لأنه يلزمه إعفاف نفسه ، وصونها عن الحرام .

الثاني : من يستحب له ، وهو من له شهوة ولكنه يأمن الوقوع في محظور ، فهذا النكاح له أولى من التخلي لنوافل العبادة.

القسم الثالث : من لا شهوة له ، إما لأنه لم يخلق له شهوة ، أو كانت له شهوة فذهبت بكبر أو مرض ونحوه ، ففيه وجهان : أحدهما : يستحب له النكاح ، لعموم الأدلة التي فيها الأمر بالنكاح . والثاني: التفرغ للعبادة أفضل ، لأنه لا يحصل مصالح النكاح.

ينظر جواب السؤال رقم : (36486).

ثالثا :

ذكر غير واحد من أهل العلم أن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله لم يتزوج حتى مات ، قال الذهبي في "ترجمته" (ص10) : " له شهامة وقوة نفسٍ توقعه في أمورٍ صعبةٍ، ويدفع الله عنه، وله نظمٌ قليلٌ وسطٌ، ولم يتزوج ولا تسرى " انتهى .

ولم يترك رحمه الله النكاح رغبة عنه وتركا للسنة ، ولكنه كان مشغولا بالجهاد والعلم ومحاربة البدعة وأهلها والدعوة والإصلاح والتربية ، مع ما كان فيه من الشدة ، وما لاقاه من الاضطهاد والحبس والضرب والأذى والاغتراب ، فآثر العلم والتربية والجهاد على النكاح، الذي كان ربما لا يتيسر له؛ لما كان عليه من شدة الحال.

وقد قال شيخ الإسلام نفسه :

" وإن احتاج الإنسان إلى النكاح ، وخشي العنت بتركه : قدمه على الحج الواجب .

وإن لم يخف : قدم الحج . ونص الإمام أحمد عليه في رواية صالح وغيره ، واختاره أبو بكر .

وإن كانت العبادات فرض كفاية ، كالعلم والجهاد : قدمت على النكاح إن لم يخش العنت " .

انتهى، من "الاختيارات" لأبي العباس البعلي (175) .

وينظر أيضا : "شرح العمدة" لشيخ الإسلام ، كتاب الحج (1/155) ، "مطالب أولي النهى" (5/5) .

وقد سئل الشيخ صالح الفوزان حفظه الله :

هل عدم زواج شيخ الإسلام رحمه الله هو من قبيل التبتل والتشدد ؟

فأجاب :

" إذا صار هذا السائل مثل شيخ الإسلام في جهاده وعلمه ، وصار الزواج يعوقه عن الدعوة وعن الجهاد : فهو معذور .

شيخ الإسلام إنما تركه : لأنه مجاهد في سبيل الله، وأيضا مطارد ويسجن ويعذب، وهو لم يتفرغ للزواج " انتهى .

https://www.youtube.com/watch?v=6Y1OloXPUiY

وقال الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله :

" يذكر مترجموه أنه لم يتزوج ولم يتسر، كما في تاريخ ابن الوردي (2/411) وغيره.

فهل عزوبته رحمه الله تعالى إيثارا للعلم ؟ أم للعبادة واللهج؟ أم للجهاد والغزو؟ أم لمكاسرة المتعصبة للمذهبية؟ أم لفض جموع الغلو والطرقية؟ أم لمقارعة الخصوم؟ أم بسبب ما جناه عليه خصوم الكتاب والسنة من السجن والإيذاء؟ وكم؟ وكم ؟

وهو رحمه الله تعالى ثابت الجأش ، فرح النفس، قرير العين " انتهى ، من "النظائر" (ص 257 - 258)

والله أعلم

المناقب
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب