الحمد لله.
أولاً : تعدد الزوجات سنة للقادر عليه . وليس بواجب باتفاق العلماء . انظر المغني (9 / 340)
سئل الشيخ ابن باز رحمه الله : ( هل تعدد الزوجات مباح في الإسلام أو مسنون ؟ )
فأجاب : ( تعدد الزوجات مسنون مع القدرة لقوله تعالى : ( وَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلا تَعُولُوا ) النساء/3 ، ولفعله صلى الله عليه وسلم ، فإنه قد جمع تسع نسوة ونفع الله بهن الأمة ، وهذا من خصائصه عليه الصلاة والسلام ، أما غيره فليس له أن يجمع أكثر من أربع ، ولما في تعدد الزوجات من المصالح العظيمة للرجال والنساء وللأمة الإسلامية جمعاء، فإن تعدد الزوجات يحصل به للجميع غض الأبصار وحفظ الفروج ، وكثرة النسل، وقيام الرجال على العدد الكثير من النساء بما يصلحهن ويحميهن من أسباب الشر والانحراف .
أما من عجز عن ذلك وخاف ألا يعدل فإنه يكتفي بواحدة ؛ لقوله سبحانه ( فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً ) انتهى نقلا عن فتاوى إسلامية 3/202
ثانياً : اعلم أن النكاح في أصله يكون واجبا أو مستحبا ، أو خلاف الأولى ، حسب حال الإنسان وحاجته له ، قال ابن قدامة رحمه الله :
والناس في النكاح على ثلاثة أقسام :
الأول : من يخاف على نفسه الوقوع في محظور إن ترك النكاح , فهذا يجب عليه النكاح في قول عامة الفقهاء ; لأنه يلزمه إعفاف نفسه , وصونها عن الحرام .
الثاني : من يستحب له , وهو من له شهوة ولكنه يأمن الوقوع في محظور , فهذا النكاح له أولى من التخلي لنوافل العبادة . لأن الله تعالى ورسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمرا بالنكاح وحثا عليه , ولأن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج , وفعل ذلك أصحابه , ولا يشتغل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلا بالأفضل , ولأن مصالح النكاح أكثر , فإنه يشتمل على تحصين الدين , وإحرازه , وتحصين المرأة وحفظها , والقيام بها , وإيجاد النسل , وتكثير الأمة , وتحقيق مباهاة النبي صلى الله عليه وسلم وغير ذلك من المصالح الراجح أحدها على نفل العبادة , فمجموعها أولى .
القسم الثالث : من لا شهوة له , إما لأنه لم يخلق له شهوة , أو كانت له شهوة فذهبت بكبر أو مرض ونحوه , ففيه وجهان : أحدهما , يستحب له النكاح ; لعموم الأدلة التي فيها الأمر بالنكاح . والثاني: التفرغ للعبادة أفضل ; لأنه لا يحصل مصالح النكاح , ويمنع زوجته من التحصين بغيره , ويضر بها , ويحبسها على نفسه , ويعرض نفسه لواجبات وحقوق لعله لا يتمكن من القيام بها , ويشتغل عن العلم والعبادة بما لا فائدة فيه ، والأدلة التي فيها الأمر بالنكاح تحمل على من له شهوة ; لما فيها من القرائن الدالة عليها . باختصار
والله أعلم .
تعليق