لا يصح في ذمّ البربر حديث.

21-02-2018

السؤال 285755

ما صحة هذه الأحاديث في ذم البربر ؟ 1. قال: " أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعي وصيف بربري ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن قوم هذا أتاهم نبي قبلي فذبحوه وطبخوه وأكلوا لحمه وشربوا مرقه ) "كتاب الفتن" (1/266) . 2. قال أحمد بن حنبل: حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سريج قال: عن ثنا عبد الله بن نافع قال : حدثني بن أبي ذئب عن صالح مولى التوأمة عن أبي هريرة قال : " جلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم رجل فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من أين أنت؟) قال: بربري ، فقال له رسول الله صلى الله عليه و سلم: (قم عني) ، قال بمرفقه كذا، فلما قام عنه ، أقبل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : (إن الإيمان لا يجاوز حناجرهم أو ترياقهم)" "مسند أحمد بن حنبل" (2/367 ) 3. قال أحمد بن حنبل : حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا قتيبة بن سعيد ثنا بن لهيعة عن القاسم بن عبد الله المعافري عن أبي عبد الرحمن الحبلى عن القاسم بن البرجي عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: (من أخرج صدقة فلم يجد إلا بربريا فليردها) "مسند أحمد بن حنبل"(2/221 ) . 4. قال الطبراني: حدثنا إسماعيل بن الحسن الخفاف المصري ثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم ثنا وهب الله بن راشد المعافرى ثنا حيوة بن شريح عن بكر بن عمرو المعافري عن مشرح بن هاعان عن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (الخبث سبعون جزء، للبربر تسعة وستون جزءا وللجن والإنس جزء واحد) "المعجم الكبير"(17/299). 5. قال بن عساكر بسنده عن يزيد بن سنان: حدثني يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم: ( ولد لنوح ثلاثة، سام وحام ويافث، فولد سام العرب وفارس والروم والخير فيهم، وولد حام القبط والبربر ولا خير فيهم ) "تاريخ دمشق" (62/277) .

ملخص الجواب:

لا يصح في ذم البربر حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وإنما يتفاضل الناس بالتقوى، وهي ميزان الحب والبغض والقرب والبعد عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لا الأجناس ولا أنواع الناس.

الجواب

الحمد لله.

أولا :

البربر: هم السكان الأصليون لشمال إفريقيا ، من حدود مصر الغربية إلى المحيط الأطلسى، وهم ليسوا سلالة نقية ، ولكنهم أخلاط سلالية وحضارية متعددة على مر التاريخ ، ويسكنون الآن مناطق منفصلة متباعدة في الصحراء الكبرى ، من واحة سيوة إلى موريتانيا ، وجبال الأطلس في المغرب والجزائر.

ويعود مصطلح البربر في الأغلب إلى الأصل اللاتينى بربارى، أى: الشعوب الأجنبية بالنسبة إلى الرومان.

"الموسوعة الموجزة في التاريخ الإسلامي" (12/ 3) بترقيم الشاملة .

ثانيا :

لا فضل لعربي على عجمي ، ولا لجنس من أجناس البشرية على جنس آخر ، إلا بالتقوى ، كما قال الله عز وجل : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ) الحجرات/ 13.

وقال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَسَطِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَلَا إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ ، أَلَا لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى أَعْجَمِيٍّ ، وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ ، وَلَا لِأَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ ، وَلَا أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ إِلَّا بِالتَّقْوَى ، أَبَلَّغْتُ ؟ ) قَالُوا : بَلَّغَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ". رواه أحمد (22978) وصححه الألباني في "الصحيحة" (2700)

ثالثا :

هذه الأحاديث المذكورة لا يصح منها شيء :

أما الحديث الأول : فرواه نعيم بن حماد في "الفتن" (1/ 276) فقال:

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَنْبَسَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ شَبِيبِ بْنِ بِشْرٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعِي وَصِيفٌ بَرْبَرِيُّ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( إِنَّ قَوْمَ هَذَا أَتَاهُمْ نَبِيُّ قَبْلِي فَذَبَحُوهُ وَطَبَخُوهُ، فَأَكَلُوا لَحْمَهُ، وَشَرِبُوا مَرَقَهُ ).

وهذا إسناد موضوع ، عنبسة بن عبد الرحمن ، قال ابن معين: لا شيء، وقال أبو زرعة: واهي الحديث منكر الحديث، وقال أبو حاتم: متروك الحديث كان يضع الحديث، وقال البخاري: تركوه وقال الأزدي: كذاب، وقال ابن حبان: هو صاحب أشياء موضوعة لا يحل الاحتجاج به.

"تهذيب التهذيب" (8/ 143)

ويحيى بن سعيد شيخ نعيم بن حماد هو العطار ، قال ابن معين: ليس بشيء، وقال الجوزجاني والعقيلي: منكر الحديث، وقال ابن حبان: يروي الموضوعات عن الأثبات لا يجوز الاحتجاج به، وقال الساجي: عنده مناكير.

تهذيب التهذيب" (11/ 194)

ونعيم غير محتج به أصلا .

أما الحديث الثاني : فقال الإمام أحمد في مسنده (8803):

حَدَّثَنَا سُرَيْجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ نَافِعٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ صَالِحٍ مَوْلَى التَّوْأَمَةِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: جَلَسَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مِنْ أَيْنَ أَنْتَ؟ " قَالَ: بَرْبَرِيٌّ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " قُمْ عَنِّي "، قَالَ: بِمِرْفَقِهِ هَكَذَا، فَلَمَّا قَامَ عَنْهُ، أَقْبَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: ( إِنَّ الْإِيمَانَ لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ )

فقال الإمام أحمد – كما في "المنتخب من علل الخلال" (ص: 67)-:

" هذا حديث منكر " .

وضعفه الهيثمي في "مجمع الزوائد" (4/ 234)، وكذا ضعفه الألباني في "الضعيفة" (7/390)، وقال محققو المسند : " إسناده ضعيف، ومتنه منكر ".

وورد بلفظ : (البربري لا يجاوز إيمانه تراقيه) ، قال الألباني في "الضعيفة" (3377) : " منكر "

أما الحديث الثالث : فرواه الإمام أحمد أيضا (7064) من طريق ابْن لَهِيعَةَ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْمَعَافِرِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ الْبَرحِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( مَنْ أَخْرَجَ صَدَقَةً، فَلَمْ يَجِدْ إِلَّا بَرْبَرِيًّا، فَلْيَرُدَّهَا )

وهذا إسناد ضعيف من أجل ابن لهيعة ، وهو معروف بضعفه وسوء حفظه .

انظر : "التهذيب" (5/328)

والقاسم بن البرحي مجهول ، قال الذهبي :

" لا يدري من ذا، وخبره منكر: (من أخرج صدقة فلم يجد إلا بربريا فليردها)، وفي الإسناد أيضا ابن لهيعة " انتهى .

"ميزان الاعتدال" (3/ 369)

والحديث ضعفه محققو المسند .

وأما الحديث الرابع :

فرواه الطبراني في "المعجم الأوسط" (8672) والفسوي في "المعرفة" (2/489) من طريق عَبْد اللَّهِ بْن صَالِحٍ، حَدَّثَنِي اللَّيْث، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي قَيْسٍ، مَوْلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (الْخُبُثُ سَبْعُونَ جُزْءًا، فَجُزْءٌ فِي الْجِنِّ وَالْإِنْسِ، وَتِسْعَةٌ وَسِتُّونَ فِي الْبَرْبَرِ) .

وفيه عبد الله بن صالح كاتب الليث ، قال الحافظ في "التقريب" (ص: 308): " صدوق كثير الغلط ، وكانت فيه غفلة " .

ويزيد بن أبي حبيب لم يسمع من أبي قيس، وانظر : "الضعيفة" (2535) .

وله شاهد رواه الطبراني في "المعجم الكبير" (824) حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ الْحَسَنِ الْخَفَّافُ الْمِصْرِيُّ، ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، ثَنَا وَهْبُ اللهِ بْنُ رَاشِدٍ الْمَعَافِرِيُّ، ثَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَمْرٍو الْمَعَافِرِيِّ، عَنْ مِشْرَحِ بْنِ هَاعَانَ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ مرفوعا به.

ومشرح بن هاعان ، قال ابن حبان : " يروى عن عقبة بن عامر أحاديث مناكير لا يتابع عليها، والصواب في أمره ترك ما انفرد من الروايات والاعتبار بما وافق الثقات " .

"المجروحين" (3/ 28) .

والخفاف شيخ الطبراني لم نجد له ترجمة .

والحديث ضعفه الألباني في "الضعيفة" (6/ 45) .

وأما الحديث الخامس:

فرواه البزار (7820) وابن عساكر في "تاريخه" (62/277) من طريق مُحَمد بن يزيد بن سنان الرهاوي، قَال: حَدَّثني أبي، عَن يَحْيَى بن سَعِيد، عَن سَعِيد بن الْمُسَيَّب، عَن أبي هُرَيرة، قَالَ: قَالَ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وَسَلَّم: (ولد لنوح سام وحام ويافث فولد لسام العرب وفارس والروم والخير فيهم، وولد ليافث يأجوج ومأجوج والترك والصقالبة، ولاَ خير فيهم، وولد لحام القبط والبربر ولا خير فيهم ).

وهذا إسناد واه ، يزيد بن سنان هذا متروك ، تركه النسائي وغيره ، وقال ابن معين: ليس بشيء ، وقال ابن حبان : " كَانَ مِمَّن يخطىء كثيرا حَتَّى يروي عَن الثِّقَات مَالا يشبه حَدِيث الْأَثْبَات، لَا يُعجبنِي الِاحْتِجَاج بِخَبَرِهِ إِذا وَافق الثِّقَات ؛ إِذا انْفَرد بالمعضلات؟ ".

"ميزان الاعتدال" (4/427) ، "المجروحين" (3/ 106)

وقال الحافظ العراقي رحمه الله :

" وقد ورد من غير طريق يزيد بن سنان، رواه ابن عدي في "الكامل" من رواية سليمان بن أرقم، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، وسليمان بن أرقم: متروك الحديث.

ورواه ابن عدي -أيضاً- في "الكامل" من ترجمة يزيد بن سنان أيضاً، وقال: عامة حديثه غير محفوظ. وقال النسائي: يزيد بن سنان متروك الحديث.

ولا يصح هذا الحديث عن أبي هريرة من سائر طرقه " .

انتهى من"محجة القرب إلى محبة العرب" (ص: 82)

وينظر السؤال رقم : (218704) .

وخلاصة الجواب : 

أنه لا يصح في ذم البربر حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وإنما يتفاضل الناس بالتقوى، وهي ميزان الحب والبغض والقرب والبعد عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لا الأجناس ولا أنواع الناس.

والله تعالى أعلم.


 

عرض في موقع إسلام سؤال وجواب