الحمد لله.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ، يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ: الإِمَامُ العَادِلُ، وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ رَبِّهِ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي المَسَاجِدِ، وَرَجُلاَنِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ، وَرَجُلٌ طَلَبَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ، فَقَالَ: إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ، أَخْفَى حَتَّى لاَ تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ رواه البخاري (660) ، ومسلم (1031).
والراجح : أن المراد بالظل هنا ظل العرش ؛ كما فسرته رواية أخرى حسنها الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى؛ وكذا فسرته أحاديث أخر.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى:
" وقيل : المراد ظل عرشه ، ويدل عليه حديث سلمان عند سعيد بن منصور بإسناد حسن ( سبعة يظلهم الله في ظل عرشه ) فذكر الحديث .
وإذا كان المراد ظل العرش استلزم ما ذكر من كونهم في كنف الله وكرامته ، من غير عكس ؛ فهو أرجح . وبه جزم القرطبي .
ويؤيده أيضا تقييد ذلك بيوم القيامة ، كما صرح به ابن المبارك في روايته عن عبيد الله بن عمر، وهو عند المصنف في كتاب الحدود .
وبهذا يندفع قول من قال: المراد ظل طوبى ، أو ظل الجنة؛ لأن ظلهما إنما يحصل لهم بعد الاستقرار في الجنة، ثم إن ذلك مشترك لجميع من يدخلها، والسياق يدل على امتياز أصحاب الخصال المذكورة، فيرجح أن المراد ظل العرش " انتهى من "فتح الباري" (2 / 144).
راجع لمزيد الفائدة جواب السؤال رقم : (183933).
ثانيا:
الدعاء " اللهم أظلنا تحت ظل عرشك يوم لا ظل إلا ظلك " يروى في أحاديث ضعيفة؛ فروي أنه من الأذكار التي تقال في الوضوء أثناء مسح الرأس، وعلق على هذا الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى بقوله:
" ( ... وعند مسح الرأس: اللهم حرم شعري وبشري على النار.
وروي: اللهم احفظ رأسي وما حوى، وبطني وما وعى.
وروي.: اللهم أغثني برحمتك، وأنزل علي من بركتك، وأظلني تحت عرشك يوم لا ظل إلا ظلك. وعند مسح الأذنين: ... ).
قال النووي في "الروضة": هذا الدعاء لا أصل له، ولم يذكره الشافعي والجمهور.
وقال في "شرح المهذب": لم يذكره المتقدمون.
وقال ابن الصلاح: لم يصح فيه حديث.
قلت: روى فيه عن علي من طرق ضعيفة جدا، أوردها المستغفري في "الدعوات" وابن عساكر في "أماليه" وهو من رواية أحمد بن مصعب المروزي عن حبيب بن أبي حبيب الشيباني، عن أبي إسحاق السبيعي، عن علي. وفي إسناده من لا يعرف.
ورواه صاحب "مسند الفردوس" من طريق أبي زرعة الرازي، عن أحمد ابن عبد الله بن داود، حدثنا محمود بن العباس، حدثنا المغيث بن بديل، عن خارجة بن مصعب، عن يونس بن عبيد، عن الحسن، عن علي نحوه.
ورواه ابن حبان في "الضعفاء" من حديث أنس نحو هذا. وفيه عباد بن صهيب وهو متروك.
وروى المستغفري في "الدعوات" من حديث البراء بن عازب، وليس بطوله. بإسناده واه " انتهى من"التلخيص الحبير" (1 / 260 - 261).
ويذكر هذا الدعاء أنه من الأدعية التي تقال في الطواف عند المرور تحت ميزاب الكعبة، لكن لم يرد في السنة ما يدل على ذلك؛ لذلك عدّه أهل العلم من البدع المحدثة.
والحاصل :
أنه لم يصح هذا الدعاء مقيدا لا بالوضوء ، ولا بالطواف ، ولا بغير ذلك .
لكنه من الأدعية المشروعة الحسنة ، وما زال الناس يدعون به ، من غير تقييد بوقت ولا حال . وحقيقته : أنه من باب الرغبة إلى الله تعالى أن يلحقه بهؤلاء السبعة الذين سبق ذكرهم في الحديث ، وذلك بأن يتفضل عليه بأن يظله معهم أو أن يوفقه للأسباب الموجبة لهذا الظل.
والله أعلم.