الحمد لله.
أولا:
لا يجوز للعامل أن يسرق من مال صاحب العمل بحجة ضعف الراتب، ولو كان العامل ابنا لصاحب العمل ؛ لأنه ليس مجبرا على العمل ، ولا على قبول راتب لا يكفيه ، فله أن يرفض العمل مع والده ، وله أن يطلب راتبا مناسبا، وليس الأب ملزما بالنفقة عليه حتى يظن أن الابن يأخذ نفقته منه دون علمه ، بل نفقة هذا الابن على نفسه ، لقدرته على الكسب ، وإمكانه أن يعمل بأجرة عند والده ، أو غيره.
ولا يخفى أن السرقة منكر قبيح ، مشتمل على ظلم الغير، وأكل الحرام ، وهي كبيرة من كبائر الذنوب لما جاء فيها من الوعيد والحد ، فقد روى البخاري (6783) ، ومسلم (1687) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : لَعَنَ اللَّهُ السَّارِقَ يَسْرِقُ الْبَيْضَةَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ ،وَيَسْرِقُ الْحَبْلَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ .
وقال تعالى : وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ المائدة/38 .
وهذه ليست سرقة فقط ، وإنما هي خيانة لأبيهم أيضًا ، وخيانة الأمانة من كبائر الذنوب ، ومن صفات المنافقين .
وعلى هذا الابن أن ينصح إخوانه ويبين لهم حرمة فعلهم، ووجوب رد المال إلى أبيهم ولو دون علمه، وقد قال صلى الله عليه وسلم : مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ مَظْلِمَةٌ لِأَخِيهِ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهَا فَإِنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ ، مِنْ قَبْلِ أَنْ يُؤْخَذَ لِأَخِيهِ مِنْ حَسَنَاتِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ أَخِيهِ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ رواه البخاري (6534).
ثانيا:
النصيحة لهذا الابن أن يتفق مع أبيه على راتب يناسبه ، فإن أبى فليبحث عن عمل عند غيره.
وأما أن يأخذ راتبا ضعيفا ، ثم يتكفل الأب بالباقي، فهذا مدعاة للخلاف وحصول الشقاق غالبا، فإن الوالد قد يضيق صدره بكثرة المصروفات ، لا سيما مع غلاء المعيشة ، وكبر سنه، ثم إن من حق الابن أن يدخر شيئا من راتبه له ولأولاده ، فلا يكفي توفير الحاجات مع الراتب الضعيف.
وإن اكتفى بالقليل، وتجنب المال الحرام ، وابتغى البر بوالده، كان محسنا مأجورا، ونرجو أن يبارك الله له ويخلف عليه خيرا.
والله أعلم.