الحمد لله.
أولا:
مذهب السلف من الصحابة والتابعين رضي الله عنهم : إثبات ما أثبته الله لنفسه ، أو أثبته له رسوله صلى الله عليه ويسلم من الصفات، من غير تشبيه ولا تمثيل، ولا تأويل ولا تعطيل، والنقول عنهم في ذلك مستفيضة.
ويمكن الوقوف عليها من خلال الكتب الأثرية المشهورة، كالسنة لعبد الله بن أحمد بن حنبل، و" التوحيد" لابن خزيمة، و"شرح أصول اعتقاد أهل السنة" لللالكائي، و"عقيدة السلف وأصحاب الحديث" للصابوني، و"الشريعة" للآجري، و"الحجة في بيان المحجة" للأصفهاني، وغير ذلك.
ثانيا:
تأويل اليد بالقوة أو القدرة، هو مذهب الجهمية والمعتزلة، وبه قال متأخرو الأشاعرة.
ويد الله : صفة من صفاته التي تليق بجلاله ، وكماله ، لا تشبه صفات المخلوقين ، بل لكل موصوف صفته اللائقة به .
وقد نص غير واحد من الأئمة على ذلك، منهم الإمام أبو حنيفة رحمه الله، والإمام الترمذي رحمه الله، والإمام أبو الحسن الأشعري رحمه الله.
قال الإمام أبو حنيفة رحمه الله: "وله يد ووجه ونفس كما ذكره الله تعالى في القرآن، فما ذكره الله تعالى في القرآن من ذكر الوجه واليد والنفس، فهو له صفات بلا كيف، ولا يقال: إن يده قدرته أو نعمته؛ لأن فيه إبطالَ الصفة، وهو قول أهل القدر والاعتزال، ولكن يده صفته بلا كيف، وغضبه ورضاه صفتان من صفاته تعالى بلا كيف" انتهى من "الفقه الأكبر"، مع شرحه لملا علي القاري، ص58.
وقال الإمام الترمذي رحمه الله بعد إيراد حديث (إن الله يقبل الصدقة ويأخذها بيمينه...) من سننه (رقم 662) : " وقد قال غير واحد من أهل العلم في هذا الحديث وما يشبه هذا من الروايات من الصفات ونزول الرب تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا ، قالوا : قد تثبت الروايات في هذا ، ويؤمن بها ولا يتوهم ولا يقال كيف ؟ هكذا روي عن مالك وسفيان بن عيينة وعبد الله بن المبارك أنهم قالوا في هذه الأحاديث : أمروها بلا كيف ، وهكذا قول أهل العلم من أهل السنة والجماعة ، وأما الجهمية فأنكرت هذه الروايات ، وقالوا : هذا تشبيه.
وقد ذكر الله عز وجل في غير موضع من كتابه اليد والسمع والبصر فتأولت الجهمية هذه الآيات ففسروها على غير ما فسر أهل العلم ، وقالوا : إن الله لم يخلق آدم بيده ، وقالوا : إن معنى اليد ها هنا القوة .
وقال إسحاق بن إبراهيم : إنما يكون التشبيه إذا قال: يد كيد، أو مثل يد، أو سمع كسمع ، أو مثل سمع ، فإذا قال: سمع كسمع أو مثل سمع فهذا التشبيه ، وأما إذا قال: كما قال الله تعالى: يد وسمع وبصر، ولا يقول: كيف؟ ولا يقول: مثل سمع ولا كسمع، فهذا لا يكون تشبيها، وهو كما قال الله تعالى في كتابه: (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) " انتهى .
ثالثا:
يمكن الوقوف على معتقد الأئمة المذكورين في الصفات، من خلال مصنفات بعضهم، كالفقه الأكبر لأبي حنيفة رحمه الله، و"الإبانة" ، لأبي الحسن الأشعري رحمه الله، و"شرح أصول أهل السنة والجماعة" ، للالكائي ، "الشريعة" للآجري، و"الإبانة"، لابن بطة الحنبلي ، وتفسير ابن كثير رحمه الله، وكتب : "العلو" ، و"العرش" ، و"الأربعين في صفات رب العالمين "، ثلاثتها للذهبي ، و"الفتوى الحموية الكبرى"، لشيخ الإسلام ابن تيمية ، و"اجتماع الجيوش الإسلامية "، لابن القيم .
ومن خلال المصنفات العقدية التي ذكرناها أولا، ففيها النقل عن مالك والشافعي وأحمد، كما ننصح بهذه الكتب:
"أصول الدين عند الإمام أبي حنيفة"، للدكتور محمد بن عبد الرحمن الخميس، ط. دار الصميعي، الرياض.
"اعتقاد الأئمة الأربعة، للدكتور محمد بن عبد الرحمن الخميس"، ط. دار العاصمة، الرياض.
"المسائل والرسائل المروية عن الإمام أحمد في العقيدة"، للدكتور عبد الله بن سلمان بن سالم الأحمدي، ط. دار طيبة، الرياض.
وجميعها موجود على المكتبة الشاملة على الإنترنت.
والله أعلم.