الحمد لله.
إذا تم الاتفاق مع الشركة على مبلغ معين، بدلا عن وجبة طعام، وأن ذلك لازم، فهو ملحق بالراتب، والواجب على الشركة الوفاء به.
وأما إن كانت الوجبة غير لازمة، لأنه ليس في العقد ما يدل على لزومها، فإن بدلها لا يكون لازما.
وفي الحال الأولى لك مطالبة الشركة، وبيان أنك غير راض عن إسقاط هذا المبلغ، فإن عجزت عن الوصول إلى حقك- بعد المطالبة به- جاز أن تأخذه من مال الشركة فيما يسمى بـ "الظفر بالحق" وذلك بشروط:
1-العجز عن أخذ حقك بالمطالبة ورفع الأمر إلى الإدارة الأعلى ونحو ذلك.
2-ألا تأخذ أكثر من حقك.
3-أن تأمن اتهامك بالسرقة والخيانة.
قال البخاري في صحيحه: " بَابُ قِصَاصِ المَظْلُومِ إِذَا وَجَدَ مَالَ ظَالِمِهِ، وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ: " يُقَاصُّهُ، وَقَرَأَ: ( وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ ) [النحل: 126]" انتهى.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: " (قوله باب قصاص المظلوم إذا وجد مال ظالمه) أي هل يأخذ منه بقدر الذي له ولو بغير حكم حاكم وهي المسألة المعروفة بمسألة الظفر، وقد جنح المصنف إلى اختياره ولهذا أورد أثر ابن سيرين على عادته في الترجيح بالآثار" انتهى من "فتح الباري" (5/ 108).
وأما الذي نشير عليك به : فهو ألا تفعل ذلك؛ ولا تأخذ شيئا من العهدة التي عهدت بها الشركة إليك، لتسيير أعمالها ، وتدع ذلك لله .
وجه هذه المشورة في حقك ، أمران:
الأول: أن نفس مسألة "الظفر" التي ينبني عليها جواز أخذك لثمن الوجبة: من مسائل الاجتهاد والخلاف المعتبر بين أهل العلم، وليست من قطعيات المسائل ؛ فإذا تعلق الأمر بأمانة في يدك، وكنت تأخذ من ذلك لطعامك؛ فلا شك أن الأحسن لك أن تدع ذلك كله ، وتؤدي الأمانة تامة ، حتى لو نقص من حقك شيء ، فتكون بذلك قد أوفيت أمانة ، وخرجت من خلاف من حرم ذلك عليك.
الثاني: أنك ذكرت أن الشركة إنما فعلت ذلك لأجل مشكلات السوق ، وما تعانيه كثير من الشركات من كساد، وضوائق مالية ؛ ولا شك أن مواساتك لها في ذلك ، والتنازل عن ذلك القدر: مما توجبه المروءة عليك ؛ فإذا سارت الأمور على ما يرام بعد ذلك ، فخذ حقك في الوجبة ، من حين صلاح الحال ، وما سبق ؛ فدعه لله .
وينظر الكلام على مسألة الظفر في جواب السؤال رقم:(171676)، ورقم: (236260).
والله أعلم.