الحمد لله.
إذا كان الأمر كما ذكرت من نجاح العمل النسائي وأهميته، وأنه لا يتأثر بحال المسئول عن الجمعية، فنرى أن تستمري فيه، وتبذلي ما تستطيعين من الخير، وتتعاوني مع أخواتك الصالحات في ذلك؛ فإن الدعوة إلى الله تعالى وتعليم الناس من أشرف الأعمال وأجل القربات، كما قال تعالى: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) فصلت/33
وقال صلى الله عليه وسلم: (مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنْ الْأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا، وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلَالَةٍ كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الْإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ شَيْئًا) رواه مسلم (2674).
وقال صلى الله عليه وسلم: (ِإِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ وَأَهْلَ السَّمَوَاتِ وَالأَرَضِينَ حَتَّى النَّمْلَةَ فِي جُحْرِهَا وَحَتَّى الحُوتَ لَيُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِ النَّاسِ الخَيْرَ) رواه الترمذي (2685) وصححه الألباني.
وأما كون عملك وعمل النساء معك يؤدي إلى أن المسئول يأخذ راتبا مع أنه لا يعمل، فهذا لا يضرك، وتبعة ذلك عليه وحده، مع أنه لا يتصور عدم قيامه بشيء من العمل ولو المتابعة والإشراف.
وهكذا كل عمل من أعمال الخير، لا يمكن القيام به إلا مع إمارةٍ، أو رئاسةٍ، أو إشرافٍ ممن فيه تقصير، أو بدعة، أو خلل في السلوك، أو عدم قيام بالأمانة على الوجه الواجب؛ فإن القيام به، ولو بإشراف أمثال هؤلاء: خير من تعطيل الخير بالكلية.
ولذلك كان من أصول أهل السنة والجماعة: الجهاد خلف كل بر وفاجر، وإقامة الجمعة والجماعة، ولو مع أئمة الجور، وخلف الإمام الفاسق، إذا لم يمكن إقامة الإمام العدل الصالح.
وقد روى البخاري في "صحيحه" (695)، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ خِيَارٍ:" أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، - وَهُوَ مَحْصُورٌ - فَقَالَ: إِنَّكَ إِمَامُ عَامَّةٍ، وَنَزَلَ بِكَ مَا نَرَى، وَيُصَلِّي لَنَا إِمَامُ فِتْنَةٍ، وَنَتَحَرَّجُ؟ فَقَالَ:" الصَّلاَةُ أَحْسَنُ مَا يَعْمَلُ النَّاسُ، فَإِذَا أَحْسَنَ النَّاسُ، فَأَحْسِنْ مَعَهُمْ، وَإِذَا أَسَاءُوا فَاجْتَنِبْ إِسَاءَتَهُمْ".
وإذا كان هذا في الصلاة خلف هؤلاء، ولصلاة المأموم تعلق بصلاتهم، وفي الباب كلام كثير للسلف؛ فكيف بالأعمال الإدارية، التي لا تتوقف صحتها في نفسها، ولا يتوقف نفعها على صلاح هؤلاء أو فسادهم؟! لا شك أن الأمر أوسع، وفعل الخير، مع توقي العامل في نفسه، لبدعتهم وشرهم ونقصهم: أوجب، وآكد.
ونسأل الله لكم التوفيق والتسديد والتيسير.
والله أعلم.