نذرت أن تحج وعجزت عن الوفاء

30-07-2019

السؤال 310268

زوجتي نذرت إذا أتم الله زواجنا أنها تقوم بعمل حجة بسبب الزواج ، فتذهب إلى مكة ، وتقوم بمناسك الحج ، وليس لها استطاعة أن تحج ، فماذا يتوجب عليها ؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

هذا النوع من النذر يسمى نذر التبرر، ويجب الوفاء به مادام طاعة مشروعة.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:

" فنذر التبرر: مثل أن يكون مقصود الناذر حصول الشرط، ويلتزم فعل الجزاء شكرا لله تعالى؛ كقوله: إن شفى الله مريضي فعلي أن أصوم كذا، أو أتصدق بكذا، أو نحو ذلك؛ فهذا النذر عليه أن يوفي به، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَهُ فَلاَ يَعْصِهِ ) رواه البخاري " انتهى من "مجموع الفتاوى" (33 / 199).

وقال ابن المنذر رحمه الله تعالى:

" وأجمعوا أن على المرء في عمره حجة واحدة: حجة الإسلام، إلا أن ينذر نذرا، فيجب عليه الوفاء به " انتهى من "الإجماع" (ص 61).

ثانيا:

إذا كانت زوجتك لم تحج حجة الإسلام، فإنها تبدأ بحجة الإسلام أولًا ، ثم تحج النذر بعد ذلك .

روى ابن ابي شيبة في "المصنف" (7 / 423) قَالَ: حَدَّثنا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: " كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عُمَرَ قَاعِدًا، فَأَتَتْهُ امْرَأَةٌ ، فَقَالَتْ: إِنِّي نَذَرْتُ أَنْ أَحُجَّ، وَلَمْ أَحُجَّ قَبْلَ هَذِهِ الْحَجَّةِ قَطُّ؟

قَالَ: هَذِهِ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ، فَالْتَمِسِي مَا تُوفِينَ بِهِ عَنْ نَذْرِكَ " وصححه محققو المصنف .

وإلى قول ابن عمر رضي الله عنه ذهب الشافعية والحنابلة، قال ابن جماعة رحمه الله تعالى:

" ومذهب الشافعية والحنابلة: أنه إذا اجتمع على إنسان حجة للإسلام، وحجة قضاء ونذر: قُدّمت حجة الإسلام، ثم القضاء ، ثم النذر.

وأنه لو قدم ما يجب تأخيره، لغت نيته في التعيين، لا في أصل الإحرام، ووقع على الترتيب المذكور " انتهى من "هداية السالك" (1 / 385).

وراجع للأهمية جواب السؤال رقم : (44679).

ثالثا:

لم تبين في سؤالك سبب عدم استطاعة زوجتك الحج .

فإن كانت هذه الاستطاعة يرجى زوالها ، فإنها تنتظر حتى تتمكن من الحج ثم توفي بنذرها .

وإن كانت لا يرجى زوالها، إلا أن معها من المال ما يكفي نفقات الحج ، فإنها تنيب من يحج عنها.

فحكم الحجة المنذورة، حكم حجة فريضة الإسلام عند عدم الاستطاعة .

قال ابن قدامة رحمه الله تعالى:

" والحج المنذور: كحجة الإسلام، في إباحة الاستنابة عند العجز، والمنع منها مع القدرة؛ لأنها حجة واجبة " انتهى من"المغني" (5 / 22).

وينظر تفصيل ذلك في جواب السؤال رقم : (41957) .

رابعاً:

إذا لم تكن زوجتك عاجزة عن الحج بنفسها، ولا تملك من المال، ما يكفي لنفقة من ينوب عنها؛ فإنها تفكر كفارة يمين عن النذر الذي نذرته، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (كَفَّارَةُ النَّذْرِ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ) رواه مسلم (1645) .

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : "النذور أربعة : من نذر نذرا لم يسمه فكفارته كفارة يمين ، ومن نذر في معصية فكفارته كفارة يمين ، ومن نذر نذرا فيما لا يطيق فكفارته كفارة يمين ، ومن نذر نذرا فيما يطيق فليوف بنذره " رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (3/472) ورواته ثقات، وروي مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، ولكن الأصح أنه من كلام ابن عباس رضي الله عنهما. كما قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (11/587) .

وقال ابن قدامة في "المغني" (10/72) :

"من نذر طاعة لا يطيقها ، أو كان قادرا عليها ، فعجز عنها ، فعليه كفارة يمين " انتهى .

وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم : (108281) ، ورقم : (2587) .

والله أعلم.

الأيمان والنذور
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب