الحمد لله.
أولا:
الكرامة حق ، وتكون لبعض أولياء الله المتقين المستقيمين على السنة ، وقد يخرج الجني من بدن الممسوس أو المسحور ، طاعة لصاحب هذه الكرامة ، كما حصل مع الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله.
جاء في "طبقات الحنابلة" (1/233) للقاضي أبي الحسين بن أبي يعلى الفرَّاء : أن الإمام أحمد بن حنبل كان يجلس في مسجده، فأنفذ إليه الخليفة العباس المتوكل صاحباً له يعلمه أن جارية بها صرع ، وسأله أن يدعو الله لها بالعافية ، فأخرج له أحمد نعلي خشب بشراك من خوص للوضوء، فدفعه إلى صاحب له ، وقال له : امض إلى دار أمير المؤمنين وتجلس عند رأس الجارية، وتقول له - يعني الجن - : قال لك أحمد : أيما أحب إليك تخرج من هذه الجارية أو تصفع بهذه النعل سبعين ؟ فمضى إليه ، وقال له مثل ما قال الإمام أحمد ، فقال له المارد على لسان الجارية : السمع والطاعة ، لو أمرنا أحمد أن لا نقيم بالعراق ما أقمنا به ، إنه أطاع الله ، ومن أطاع الله أطاعه كل شيء ، وخرج من الجارية ، وهدأت ورزقت أولاداً ، فلما مات أحمد عاودها المارد ، فأنفذ المتوكل إلى صاحبه أبي بكر المروذي وعرّفه الحال ، فأخذ المروذي النعل ومضى إلى الجارية ، فكلمه العفريت على لسانها : لا أخرج من هذه الجارية ولا أطيعك ولا أقبل منك ، أحمد بن حنبل أطاع الله ، فأمرنا بطاعته . انتهى.
فالكرامة تعطى لأهل الاستقامة، ولا تحتاج إلى دروشة، ولا ابتداع، بل الابتداع ينافيها.
ثانيا:
ما ذكرت من حال هذا الرجل ودروشته ، وضربه بالشيش ، يدل على أنه ليس من أهل الاستقامة، فيبعد أن ينال الكرامة!
وهذا لا يمنع من كونه يعالج السحر، لكن يحتاج إلى القراءة على المسحور، كما يفعل عامة الرقاة، ولا يقع له كرامة كالتي نقلناها عن أحمد رحمه الله.
وإذا ثبت من خبر الثقات عن هذا الرجل أنه لا يتعامل بالسحر، ولا يقع في الشرك كالاستغاثة بالأموات، فلا حرج في الاستعانة به في الرقية، وإن كان الذهاب إلى غيره من أهل السنة أولى.
وينظر في علاج السحر: جواب السؤال رقم : (11290) .
وينظر في نماذج من كرامات الأولياء: جواب السؤال رقم : (175604) .
والله أعلم.