هل صحيح ما ينقل من نمو أسنان بعض كبار السن بسبب قراءة القرآن؟

26-09-2023

السؤال 311432

رأيت فتوى في هذا الموقع، تقول: إن الدّعاء بإعادة نمو الأسنان مستحيل علميا، وقد يكون هذا اعتداء في الدّعاء، لكن قرأت في أحد المنتديات عن تجربة امرأة داومت على القرآن الكريم بنية إعادة نمو الأسنان، وبعد مدّة لاحظت وجود جزء صغير من السن يبدأ بالظهور، أيضا هناك قصة شخص اسمه محمد القرعاوي داوم على الحبّة السوداء للعلاج بعد أن أصيب بمرض السرطان، لكن بعد فترة من المداومة عليها وجد أن شعره ينمو، وأسنانه أيضا بعد عمر يفوق الستّين. فهل يجوز قراءة القرآن بنية إعادة نمو الأسنان؟ وهل يزال يعتبر اعتداء في الدّعاء بعد قراءة هذه القصص؟

الجواب

الحمد لله.

أولًا :

نهى الله تعالى عن الاعتداء في الدعاء ، فقال سبحانه: ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ الأعراف/55 .

وصور الاعتداء في الدعاء كثيرة ، منها : أن يسأل الله تعالى أن يفعل له ما أجرى الله العادة باستحالته .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية – كما في "مجموع الفتاوى" (15/22):

" الاعتداء في الدعاء : تارة بأن يسأل ما لا يجوز له سؤاله من المعونة على المحرمات .

وتارة يسأل ما لا يفعله الله ، مثل : أن يسأل تخليده إلى يوم القيامة ، أو يسأله أن يرفع عنه لوازم البشرية : من الحاجة إلى الطعام والشراب ، ويسأله بأن يطلعه على غيبه ، أو أن يجعله من المعصومين ، أو يهب له ولدا من غير زوجة ، ونحو ذلك مما سؤاله اعتداء لا يحبه الله ، ولا يحب سائله" انتهى .

وقال ابن عابدين في "رد المحتار" (1/561) : "ويحرم سؤال ... المستحيلات العادية، كنزول المائدة" انتهى .

ومما جرت العادة بأنه "لا يكون" : أن تنمو الأسنان للإنسان البالغ ، فإن الله تعالى خلق الإنسان "ثنائي الأسنان"، كما يسميه بذلك المختصون بالأسنان ، وبعلم الأحياء ، بمعنى أنه تنمو له الأسنان مرتين فقط ، الأسنان اللبنية ، ثم بعدها الأسنان الثابتة ، التي لو سقطت فلن تنمو مرة أخرى .

بخلاف بعض المخلوقات الأخرى، فإنها متعددة الأسنان ، حيث تنمو أسنانها مرة بعد أخرى، كأسماك القرش ، والتماسيح .

وعلى هذا ؛ يكون سؤال الإنسان ربه تعالى أن يعيد أسنانه من الاعتداء في الدعاء ، حيث إن هذا مخالف لما أجرى الله تعالى العادة به .

ثانيا :

أما ما ذكرت من أن امرأة فعلت كذا ، وأن شخصا فعل كذا ...

فكثير من هذه القصص التي تنتشر في المنتديات ومواقع التواصل: إنما أصلها ممن لا يتورع عن الكذب ، فيختلق قصة لا أصل لها ... وينشرها .

وكثير من الناس – هو صادق في نفسه- ولكنه يثق في كل أحد، وفي كل موقع، فكلما قرأ شيئا اعتقده صحيحا، ونشره، فيكون مشاركا في نشر الكذب من حيث لا يدري .

روى مسلم في مقدمة صحيحه (5) وأبو داود (4992) أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: كَفَى بِالْمَرْءِ كَذِبًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ صححه الألباني في "صحيح أبي داود".

قَالَ النَّوَوِيّ :

"فَإِنَّهُ يَسْمَع فِي الْعَادَة الصِّدْق وَالْكَذِب فَإِذَا حَدَّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ فَقَدْ كَذَبَ لإِخْبَارِهِ بِمَا لَمْ يَكُنْ" انتهى

ولذلك لو سألنا : من هي هذه المرأة؟ ومن هو هذا الرجل؟

لم نجد جوابا، فلماذا لا يخرجون، ويعرضون تجربتهم على الأطباء والعلماء الذين يحاولون الآن البحث عن طريقة تعيد أسنان الإنسان إلى النمو؟! فلعلهم يستفيدون من تجربتهم.

فينبغي للإنسان أن يكون فطنا، لا يصدق كل ما يقرأ ، ولا كل ما يقال له .

وإذا قدر أن الله تعالى قد أجرى كرامته لعبد من عبيده، وخرق له عادة أمثاله من الناس، وأنبت له الأسنان في مثل هذه السن المتقدمة؛ فليس لنا أن نسأل الله ما يخالف العادة، أو يخرقها؛ من غير ضرورة شرعية، أو حالية، تدعو إليه.

وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم: (344339)، ورقم: (307589).

والله أعلم .

الدعاء
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب