الحمد لله.
نعم ؛ وردت أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم فيها دعاؤه لأهل المدينة ، وفيها التحذير من إرادتهم بسوء:
عن سَعْد بْن أَبِي وَقَّاصٍ، قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ أَرَادَ أَهْلَ الْمَدِينَةِ بِسُوءٍ، أَذَابَهُ اللهُ كَمَا يَذُوبُ الْمِلْحُ فِي الْمَاءِ رواه البخاري (1877) ، ومسلم (1387) واللفظ له.
وعَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ الْقَرَّاظِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، وَسَعْدًا، يَقُولَانِ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اللهُمَّ! بَارِكْ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ فِي مُدِّهِمْ وَسَاقَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ: مَنْ أَرَادَ أَهْلَهَا بِسُوءٍ، أَذَابَهُ اللهُ كَمَا يَذُوبُ الْمِلْحُ فِي الْمَاءِ رواه مسلم (1387).
وأهل المكان لغةً: هم سكانه والمقيمون به.
قال الزبيدي رحمه الله تعالى:
" والأهل للبيت: سكانه ، ومن ذلك: أهل القرى: سكانها " انتهى من "تاج العروس" (28 / 41).
وقال الإمام أبو الوليد الباجي، رحمه الله:
" دعاؤه - صلى الله عليه وسلم - أن يبارك لأهل المدينة في مكيالهم وصاعهم ومدهم: يقتضي تفضيله لها ، وحرصا على الرفق بمن يسكنها ؛ لِما افترض على الناس في زمن الهجرة من سُكناها.
ثم زال حكم الفرض ، وبقي الندب " انتهى، من "المنتقى شرح الموطأ" (7/187).
فالحديث ظاهره يتناول عموم سكان المدينة، ولا يخص الصحابة الأنصار رضوان الله عليهم وذريتهم، لأن ترك ظاهر الحديث وتخصيصه بقوم معينين ، يحتاج إلى دليل ، ولا يعرف ما يخصص هذا الحديث ويقصر معناه على الأنصار دون غيرهم من سكان المدينة.
قال الشيخ المفسر محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله تعالى:
" وقد تقرر في الأصول أنه لا يمكن تخصيص العام إلا بدليل يجب الرجوع إليه ، سواء كان من المخصصات المتصلة، أو المنفصلة " انتهى من "أضواء البيان" (5 / 83).
فكل من سكن المدينة فهو من أهلها ، وليس ذلك خاصا بالأنصار ، كما لا يشترط أن يكون قد ولد فيها .
والله أعلم.