هل سورة الرعد مكية أم مدنية ؟ فقد اختلف العلماء فيها وما هو الراجح ؟
الحمد لله.
تنقسم سور القرآن من حيث "مكيتها ومدنيتها" إلى ثلاثة أقسام :
1- ما اتفق العلماء على مكيته .
2- ما اتفق العلماء على مدنيته .
3- ما اختلف العلماء فيه ، وترجح أحد القولين .
وسورة "الرعد" من القسم الثالث ، فقد اختلف العلماء في مكيتها ومدنيتها على أقوال :
قال "ابن الجوزي" في "زاد المسير" (2/ 479) :
" اختلفوا في نزولها على قولين :
أحدهما : أنها مكّيّة ، رواه علي بن أبي طلحة عن ابن عباس ، وبه قال الحسن ، وسعيد بن جبير ، وعطاء ، وقتادة .
وروى أبو صالح عن ابن عباس أنها مكّيّة ، إلّا آيتين منها ، قوله تعالى : وَلا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِما صَنَعُوا قارِعَةٌ إلى آخر الآية ، وقوله : وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا .
والثاني : أنها مدنيّة ، رواه عطاء الخراسانيّ عن ابن عباس ، وبه قال جابر بن زيد . وروي عن ابن عباس أنها مدنيّة ، إلّا آيتين نزلتا بمكّة ، وهما قوله تعالى : وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ إلى آخرها .
وقال بعضهم: المدنيّ منها قوله تعالى: هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ إلى قوله تعالى : لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ "، انتهى .
وانظر : "تفسير القرطبي" (9/ 278) .
والظاهر - والله أعلم - أن الراجح من أقوال العلماء أن سورة " الرعد " مكيةٌ بأكملها ، وذلك لأمور :
1- أن الطرق التي ورد فيها القول بمكية السورة عن الصحابة والتابعين ، أصح من الطرق التي ورد فيها القول بمدنيتها .
2- أنه قول جمهور أهل التفسير .
قال أبو حيان: " والجمهور على أنها مكية " .
ومثله للقرطبي ، قال "ابن كثير" : "( ومن عنده علم الكتاب ) : قيل نزلت في عبد الله بن سلام، قاله مجاهد . وهذا القول غريب، لأن هذه الآية مكية " .
انظر: "البحر المحيط" (5/ 358) ، وتفسير "ابن كثير" (2/ 540) .
3- أن المتأمل لسورة "الرعد" وموضوعاتها ، يجد أنها نفس موضوعات السور المكية .
قال "ابن عاشور" (13/ 75 - 76) : " فسميت بالرعد لأن الرعد لم يذكر في سورة مثل هذه السورة ، فإن هذه السورة مكية كلها ، أو معظمها " ، وقال : " ومعانيها جارية على أسلوب معاني القرآن المكي ، من الاستدلال على الوحدانية وتقريع المشركين وتهديدهم .
والأسباب التي أثارت القول بأنها مدنية : أخبار واهية "، انتهى .
وانظر : "المكي والمدني" عبدالرزاق حسين أحمد (1/ 484) .
والله أعلم.