هل يجوز الرجوع في الهبة للزوجة في حال نشوزها ؟

07-02-2021

السؤال 327609

وهب والدي لأمي نصف مجمعه التجاري بطلب منها، وبعد أن أعطاها نصف المجمع هجرته لسنوات حتى وفاته، وقبل وفاة والدي كان قد بدأ العمل على أوراق سحب الهبة منها، لكنه توفي قبل أن يستكملها، وكان قد أوصاني في مرضه أن استكمل إجراءات سحب الهبة في حال وفاته، فهل يجوز لي أنا ابنه أن أكمل عنه ذلك؟

ملخص الجواب:

إذا كانت أمك لم تقبض الهبة، بحيث تتصرف فيها تصرف الملاك، فلوالدك الرجوع فيها، فإن مات، رُدت الهبة إلى التركة. فإذا قُبضت الهبة، فليس لوالدك الرجوع فيها، إذا كان قد وهب هبة مطلقة، ليست لغرض، أو كانت لغرض، وتحقق. فإن كانت لغرض لم يتحقق: فله الرجوع. لكن إن مات قبل أن يرجع، فله حالان: 1- أن يكون قد طالبها برد الهبة، أو رفع دعوى لاستردادها، فلك أن تستمر في المطالبة نيابة عنه؛ لأن الرجوع قد حصل بالمطالبة. 2- أن يكون لم يطالبها بالهبة، ولم يرفع دعوى لاستردادها، فليس لك المطالبة، ويستقر ملك الهبة لوالدتك؛ لأن الرجوع عنها لم يحصل.

الجواب

الحمد لله.

هل يجوز الرجوع في الهبة قبل القبض؟

يجوز الرجوع في الهبة قبل القبض؛ لأنها لا تلزم إلا بالقبض.

وفي "الموسوعة الفقهية" (6/ 164): "ويجوز الرجوع في الهبة قبل القبض عند الجمهور، فإذا تم القبض فلا رجوع عند الشافعية والحنابلة، إلا فيما وهب الوالد لولده، وعند الحنفية يجوز الرجوع إن كانت لأجنبي.

أما المالكية فلا رجوع عندهم في الهبة قبل القبض وبعده في الجملة، إلا فيما يهبه الوالد لولده." انتهى.

فإذا كانت أمك لم تقبض الهبة، بحيث تتصرف فيها تصرف الملاك، فلوالدك الرجوع فيها، فإن مات، رُدت الهبة إلى التركة.

هل يجوز الرجوع في الهبة إذا تم القبض؟

إذا تم القبض، وكان يمكنها التصرف في هبتها، في حياة الوالد، تصرف المالك لها: فإن الأصل تحريم الرجوع في الهبة. ويستثنى من ذلك أمران:

رجوع الأب في ما وهبه لأولاده؛ لما روى أبو داود (3539)، والترمذي (2132)، والنسائي (3690)، وابن ماجه (2377) عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:  لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يُعْطِيَ عَطِيَّةً، أَوْ يَهَبَ هِبَةً، فَيَرْجِعَ فِيهَا؛ إِلَّا الْوَالِدَ فِيمَا يُعْطِي وَلَدَهُ. وَمَثَلُ الَّذِي يُعْطِي الْعَطِيَّةَ، ثُمَّ يَرْجِعُ فِيهَا: كَمَثَلِ الْكَلْبِ؛ يَأْكُلُ، فَإِذَا شَبِعَ قَاءَ، ثُمَّ عَادَ فِي قَيْئِهِ  والحديث صححه الألباني في "صحيح أبي داود".

من وهب هبة لغرض ولم يتحقق غرضه، جاز له الرجوع في هبته.

وذلك أن يكون والدك قد وهبها نصف المجمع، لتحسن عشرته مثلا، فإذا لم يحصل ذلك مدة كافية، فله الرجوع؛ لأن هذه الهبة ليست هبة محضة، بل فيها معنى المعاوضة، والفقهاء يسمونها: الهبة للثواب؛ أي للعوض، فإذا لم يُثب من هبته، جاز له الرجوع فيها.

وإن حصل له غرضه مدة معقولة، ثم نشزت، فليس له الرجوع؛ لأن التعويض قد حصل له.

ويدل لذلك ما روى مالك في "الموطأ" (1477) أن عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ:

"مَنْ وَهَبَ هِبَةً، لِصِلَةِ رَحِمٍ، أَوْ عَلَى وَجْهِ صَدَقَةٍ: فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ فِيهَا. وَمَنْ وَهَبَ هِبَةً، يَرَى أَنَّهُ إِنَّمَا أَرَادَ بِهَا الثَّوَابَ: فَهُوَ عَلَى هِبَتِهِ؛ يَرْجِعُ فِيهَا إِذَا لَمْ يُرْضَ مِنْهَا". 

قال الألباني: "وهذا سند صحيح على شرط مسلم" انتهى من "إرواء الغليل" (6/ 55).

قال الخرشي المالكي في "شرح مختصر خليل" (3/ 288):

"وأجرى في توضيحه: ما أهداه الزوج لها، أو أعطاها بعد البناء، مُجرى ما أعطته هي لدوام العشرة، فقال عن أصبغ: إن أهداها لها قبل البناء، فلا شيء له، وإن وجدها [أي الهبة] قائمة؛ لأن الذي أهدى إليه، قد وصل إليه [وهو البناء].

وإن أعطاها شيئا بعد البناء، ثم فسخ نكاحها بحدثان ذلك: فله أخذ ما أعطاها؛ لأنه إنما أعطاها على ثبات الحال والعشرة.

وإن كان الفسخ بعد طول سنتين، أو سنين: فلا أرى له شيئا، وإن وجدها بعينها؛ لأن الذي أعطى له: قد رسخ، وانتفع به؛ فالفسخ كطلاق حادث" انتهى.

والحاصل:

أن الهبة إذا قُبضت، فليس لوالدك الرجوع فيها، إذا كان قد وهب هبة مطلقة، ليست لغرض، أو كانت لغرض، وتحقق.

فإن كانت لغرض لم يتحقق: فله الرجوع.

لكن إن مات قبل أن يرجع، فله حالان:

أن يكون قد طالبها برد الهبة، أو رفع دعوى لاستردادها، فلك أن تستمر في المطالبة نيابة عنه؛ لأن الرجوع قد حصل بالمطالبة.

أن يكون لم يطالبها بالهبة، ولم يرفع دعوى لاستردادها، فليس لك المطالبة، ويستقر ملك الهبة لوالدتك؛ لأن الرجوع عنها لم يحصل.

والله أعلم.

الهدية والهبة والعطية
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب