نحن مسلمو روسيا، ونخضع في جميع أحوالنا لقوانين البلد وأنظمته، ونحاول جاهدين تجنب المحظور شرعا قدر الإمكان والله المستعان، أشرح الحال أولا: تقدم حكومتنا بعض المساعدات المالية للعائلات التي لديها ثلاثة اطفال وأكثر، وذلك بهدف زيادة نسبة الولادة ، ومن هذه المساعدات أنها تقدم 450 ألف روبل روسي للعائلة، أو الأم التي أنجبت طفلها الثالث أو أكثر خلال الفترة ما بين سنة 2019ـ2022، لكن هذه المساعدة تقدم فقط لتغطية قرض بنكي أخذته العائلة لتحسين الظروف السكنية، سواء إن كان القرض قديما أو جديدا، أو كان مبلغ القرض أكثر أو أقل من مبلغ المساعدة، ويكون التعامل بين البنك والحكومة، حيث تقوم العائلة بعد أو أثناء الإقتراض بتقديم طلب المساعدة ،وأوراق تثبت أنها من الفئة المستحقة للمساعدة، وأن القرض أخذ لأغراض تحسين السكن كبناء البيت، أو شراء شقة أو قطعة أرض لبناء البيت، طبعا هذا مبلغ كبير يساوي تقريبا ثلث سعر شقة متوسطة في حي متوسط، الحال إن هذه القروض ربوية مع نسبة منخفضة للعائلات التي لديها إكثر من ثلاثة إطفال، وأنا عائلتي من الفئة المذكورة، ومحتاجة إلى هذه المساعدة، حيث نعيش أنا وزوجي وأطفالنا الأربعة، وأم زوجي في شقة من غرفة نوم وغرفة معيشة فقط، لقد وضعنا أساسا لبيتنا من نقود جمعناها لسنوات، و ليس معنا نقودا لإكمال أو استمرار البناء. سؤالي هو: هل يمكنني الاستفادة من المساعدة المذكورة بالشكل الآتي: أجري معاملة الاقتراض لنفس مبلغ المساعدة تماما، وهو 450 ألف روبل، والبنك يخصم من المبلغ نسبته الربحية، ويدفع لي ما يقارب 380 ألفا، ثم تدفع الحكومة للبنك المبلغ كاملا مع الأرباح ؟
الحمد لله.
لا يجوز الاقتراض بالربا، ولو كانت الحكومة هي من ستدفع الفائدة للبنك.
وقد أجمع العلماء على أن كل قرض جر نفعا فهو ربا .
وقال ابن قدامة رحمه الله : " وكل قرض شُرط فيه أن يزيده فهو حرام بغير خلاف .. وقد روي عن أبي بن كعب وابن عباس وابن مسعود أنهم نهوا عن قرض جر منفعة " انتهى من " المغني" (6/436).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " وَقَدْ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْمُقْرِضَ مَتَى اشْتَرَطَ زِيَادَةً عَلَى قَرْضِهِ كَانَ ذَلِكَ حَرَامًا " انتهى من " مجموع الفتاوى " (29/334).
وقال ابن جُزي رحمه الله : " فَإِن كَانَت الْمَنْفَعَة للدافع مُنع اتِّفَاقًا " انتهى من " القوانين الفقهية " (ص: 190) .
والربا كبيرة عظيمة من كبائر الذنوب، وقد جاء فيها من الوعيد ما لم يأت في غيره من الذنوب، فالواجب أن يكون بين المؤمن وبين التفكير في الربا حاجز منيع، وزاجر قاطع، حتى لا يلج فيه يوما من الأيام.
قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ البقرة/278 - 279.
وروى مسلم (1598) عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: "لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آكِلَ الرِّبَا، وَمُؤْكِلَهُ، وَكَاتِبَهُ، وَشَاهِدَيْهِ، وَقَالَ: هُمْ سَوَاءٌ .
ولا يبيح الربا إلا الضرورة، ولا ضرورة في بناء أو شراء مسكن؛ لأن حاجة السكن تندفع بالاستئجار، وأمركم أيسر، إن شاء الله من كثير سواكم؛ فبإمكانكم تمشية أموركم بالسكن الذي أنتم فيه ، حتى ولو كان ضيقا بعض الشيء، إلى أن يجعل الله لكم فرجا ومخرجا، وعسى الله أن يرزقكم رزقا حسنا، من حيث لا تحتسبون.
وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم : (220231) .
والله أعلم.