سؤالي عن زكاة مقالع الحجر (المحاجر)، قمت بشراء قطعة أرض لاستخراج الصخور ـ وهي حجارة بناءـ من باطنها، ثم بيع تلك الصخور، عملية استخراج الصخور قد تستغرق أشهرا، وقد تكون على مراحل، ولا يمكن تقدير كمية الصخر إلا بعد استخراجه. ١- هل تحسب الزكاة على ما تم استخراجه قبل بيعه على إنه عروض تجارة ؟ أم يتم بيعه وانتظار الحول على المبلغ الكلي، أم تدفع الزكاة أولا بأول؟ ٢- هل تخصم تكاليف استخراج الصخور من قيمتها عند الزكاة ؟ ٣- اشتريت قطعة أرض لاستخرج منها صخور بعد سنة أو أكثر، فهل أخرج عنها زكاة حسب قيمة الأرض أم بعد استخراج الصخر؟
الحمد لله.
أولا:
اختلف الفقهاء في الأحجار التي تستخرج من الأرض كالصوّان والرخام، إذا لم تكن من دفن أهل الجاهلية، هل تجب فيها الزكاة أم لا ؟
فذهب الحنابلة إلى أنه تجب زكاتها، وذهب الجمهور إلى عدم الوجوب.
قال في "شرح منتهى الإرادات" (1/ 424): " (وهو) أي: المعدن (كل متولد في الأرض، لا من جنسها)، أي: الأرض؛ ليخرج التراب ، (ولا نبات ، كذهب وفضة وجوهر وبلور وعقيق وصفر ورصاص وحديد .....
وجزم في الرعاية وغيرها: بأن منه رخاما ...
(إذا استُخْرِج: ربع العشر)؛ لعموم قوله تعالى: ومما أخرجنا لكم من الأرض [البقرة: 267] الآية" انتهى.
وقال المرداوي في "الإنصاف" (5/57) :
"وجزم في الرعاية وغيرها بأن الرخام معدن ، وهو معنى كلام جماعة من الأصحاب ، ومال إليه في الفروع" انتهى .
وعند الحنابلة: أن الزكاة تجب كلما أخرج المعدن، إذا بلغ نصابا، سواء استخرجه في دفعة أو دفعات، فكلما بلغ نصابا، زكاه، ولا ينتظر الحول. وينظر: "كشاف القناع" (2/ 224).
أما الجمهور فلا يرون الزكاة في هذه الأحجار إلا أن تكون للتجارة.
قال ابن قدامة رحمه الله: " صفة المعدن الذي يتعلق به وجوب الزكاة:
وهو كل ما خرج من الأرض، مما يخلق فيها من غيرها، مما له قيمة، كالذي ذكره الخرقي ونحوه من الحديد، والياقوت، والزبرجد، والبلور...
وقال مالك، والشافعي: لا تتعلق الزكاة إلا بالذهب والفضة...
وقال أبو حنيفة، في إحدى الروايتين عنه: تتعلق الزكاة بكل ما ينطبع، كالرصاص والحديد والنحاس، دون غيره" انتهى من "المغني" (3/ 53).
وينظر: "الموسوعة الفقهية" (38/ 197).
وقد سبق في جواب السؤال رقم: (227032) ذكر اختلاف العلماء في زكاة المعادن ، وأن الراجح هو مذهب مالك والشافعي: أنه لا زكاة في شيء من المعادن المستخرجة إلا الذهب والفضة فقط.
وأن هذا رجحه الصنعاني والألباني وابن عثيمين رحمهم الله .
وقد سئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :
بعض العلماء قال: إن على المعدن المخرج من الأرض زكاة ربع العشر، والبعض الآخر قال: لا شيء فيه، فما هو الصحيح في ذلك؟
فأجاب :
"الصواب: أنه يفصل فيه، فما كان من الذهب والفضة: ففيه الزكاة، إذا حال عليه الحول.
وإن كان من غير الذهب والفضة: فهذا على حسب نية صاحبه إن استخرجه لينتفع به ويستعمله: فلا زكاة فيه.
وإن استخرجه للبيع: فهو كعروض التجارة؛ يزكيه ، إذا حال عليه الحول ، زكاة العروض.
وإن كان ذهبًا أو فضة : زكاه مطلقًا ، إذا حال عليه الحول.
أما إذا كان حديدًا أو نحاسًا أو غير ذلك : فهو فيه التفصيل؛ إن أراد به البيع والشراء ، صار عروضًا ، وفيه الزكاة إذا حال عليه الحول، وإن أراده لنفسه ، وأن يستعمله في حاجاته : فهذا لا شيء فيه" انتهى من موقع الشيخ ابن باز .
ثانيا:
إذا كانت الأحجار للتجارة : ففيها الزكاة عند جميع العلماء إذا بلغت قيمتها نصابا.
فعند الحنابلة تزكى عند إخراجها، ثم تزكى عند حولان الحول للتجارة.
قال في "كشاف القناع" (2/ 225): " (ولا تتكرر زكاته) أي المعدن كالزرع والثمر (إذا لم يقصد به التجارة ، إلا أن يكون نقدا) .
فإن كان نقدا، أو غيره ، وقصد به التجارة عند الاستخراج : زكاه أيضا ، كلما حال عليه الحول بشرطه" انتهى.
وأما عند الجمهور – وهو الراجح- : فلا تزكى الأحجار عند استخراجها ، وإنما تزكى إذا مَرَّ عليها الحول .
فإذا حال الحول، قوّمت ما عندك من الأحجار؛ فإذا بلغت نصابا، زكيتها ، وأخرجت ربع العشر.
ثالثا :
لا تخصم تكاليف استخراج الصخور إلا إذا كانت دينا، على قول من يرى أن الدين يخصم من الزكاة.
قال في "مطالب أولي النهى" (2/ 78): " (ولا) يحتسب بـ (مؤنة استخراج) معدن ، (إن لم تكن دينا) ؛ فإن كانت دينا ، زكى ما سواها" انتهى.
رابعا :
إذا اشتريت أرضا لاستخراج الصخور منها ، وبيعها، فلا زكاة على الأرض ، لأنها ليست معدة للبيع، وإنما الزكاة في الصخور، على التفصيل السابق بيانه.
والله أعلم.