هل صح أن زيد بن ثابت كان يكتب الوحي ثم يعرضه على النبي ﷺ فإن كان فيه سقط أقامه وإلا خرج به إلى الناس؟

17-11-2020

السؤال 336374

هل الحديث التالي صحيح؟ عن زيد بن ثابت قال : " كنت أكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان إذا نزل عليه الوحي أخذته برحاء شديدة، وعرق عرقا شديدا مثل الجمان، ثم سري عنه، فكنت أدخل عليه بقطعة الكتف أو كسرة، فأكتب وهو يملي علي، فما أفرغ حتى تكاد رجلي تنكسر من ثقل القرآن حتى أقول : لا أمشي على رجلي أبدا، فإذا فرغت قال :(اقرأ) ، فأقرأه، فإن كان فيه سقط أقامه ، ثم أخرج به إلى الناس".

ملخص الجواب:

الحديث الوارد لا يثبت سنده .

الجواب

الحمد لله.

أولا: تخريج الحديث 

الحديث أخرجه الفسوي في "المعرفة والتاريخ" (1/377) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (5/142) ، والخطيب في "الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع" (1417) ، والسمعاني في "أدب الإملاء والاستملاء" (ص92) ، من طريق عقيل بن خالد ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ ، قَالَ:

" كُنْتُ أَكْتُبُ الْوَحْيَ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَكَانَ يَشْتَدُّ نَفَسَهُ ويَعْرَقُ عَرَقًا شَدِيدًا مِثْلَ الْجُمَانِ ، ثُمَّ يُسَرَّى عَنْهُ ، فَأَكْتُبُ وَهُوَ يُمْلِي عَلَيَّ ، فَمَا أَفْرَغُ حَتَّى يَثْقُلَ ، فَإِذَا فَرَغْتُ قَالَ: اقْرَأْ  فَأَقْرَأَهُ ، فَإِنْ كَانَ فِيهِ سَقْطٌ أَقَامَهُ".

وإسناده ضعيف .

فيه سعيد بن سليمان بن زيد بن ثابت ، مجهول الحال ، ذكره ابن حبان في "الثقات" (3081) ، وقال ابن حجر في "التقريب" (2560) :" مقبول "انتهى.

وقد روي مختصرا من طريق آخر عن زيد بن ثابت .

أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (5/115) ، من طريق يونس بن بكير ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ ، قَالَ: سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ ، يَقُولُ:" كَانَ إِذَا أُنْزِلَ الْوَحْيُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَقُلَ لِذَلِكَ، ويَحْدُرُ جَبِينُهُ عَرَقًا كَأَنَّهُ الْجُمَانُ وَإِنْ كَانَ فِي الْبَرْدِ".

وإسناده ساقط .

فيه عثمان بن عبد الرحمن بن عمر بن سعد بن أبي وقاص ، قال الذهبي في "ميزان الاعتدال" (3/43) :" قال البخاري : تركوه ، وقال ابن معين: ليس بشيء ، وقال - مرة: يكذب ، وضعفه علي جدا ، وقال النسائي ، والدارقطني: متروك ". اهـ


ثانيا: ذكر روايات صحيحة في حال النبي صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه الوحي

وأما كون النبي صلى الله عليه وسلم كان يعرق عرقا شديدا إذا نزل عليه الوحي ، وكذلك يثقل عليه ، وكون زيد بن ثابت من كُتاب الوحي فهو ثابت في أحاديث كثيرة ، منها :

ما أخرجه البخاري في "صحيحه" " (2661) ، ومسلم في "صحيحه" (2770) ، في قصة حديث الإفك ، وفيه تقول عائشة رضي الله عنها :" ثُمَّ تَحَوَّلْتُ عَلَى فِرَاشِي وَأَنَا أَرْجُو أَنْ يُبَرِّئَنِي اللَّهُ ، وَلَكِنْ وَاللَّهِ مَا ظَنَنْتُ أَنْ يُنْزِلَ فِي شَأْنِي وَحْيًا ، وَلَأَنَا أَحْقَرُ فِي نَفْسِي مِنْ أَنْ يُتَكَلَّمَ بِالقُرْآنِ فِي أَمْرِي ، وَلَكِنِّي كُنْتُ أَرْجُو أَنْ يَرَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّوْمِ رُؤْيَا يُبَرِّئُنِي اللَّهُ ، فَوَاللَّهِ مَا رَامَ مَجْلِسَهُ وَلاَ خَرَجَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ البَيْتِ ، حَتَّى أُنْزِلَ عَلَيْهِ الوَحْيُ ، فَأَخَذَهُ مَا كَانَ يَأْخُذُهُ مِنَ البُرَحَاءِ ، حَتَّى إِنَّهُ لَيَتَحَدَّرُ مِنْهُ مِثْلُ الجُمَانِ مِنَ العَرَقِ فِي يَوْمٍ شَاتٍ".

وما أخرجه البخاري في "صحيحه" (2832) ، من حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه ، :" أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْلَى عَلَيْهِ:  لاَ يَسْتَوِي القَاعِدُونَ مِنَ المُؤْمِنِينَ  النساء/95 ،  وَالمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ  النساء/95 ، قَالَ: فَجَاءَهُ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ وَهُوَ يُمِلُّهَا عَلَيَّ ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ، لَوْ أَسْتَطِيعُ الجِهَادَ لَجَاهَدْتُ - وَكَانَ رَجُلًا أَعْمَى - فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَفَخِذُهُ عَلَى فَخِذِي ، فَثَقُلَتْ عَلَيَّ حَتَّى خِفْتُ أَنَّ تَرُضَّ فَخِذِي ، ثُمَّ سُرِّيَ عَنْهُ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ:   غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ  النساء/95 ).

فخلاصة الأمر : أن الحديث الوارد لا يثبت سنده .

والله أعلم .

الأحاديث الضعيفة
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب