الحمد لله.
أولا: تخريج الحديث
الحديث أخرجه الفسوي في "المعرفة والتاريخ" (1/377) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (5/142) ، والخطيب في "الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع" (1417) ، والسمعاني في "أدب الإملاء والاستملاء" (ص92) ، من طريق عقيل بن خالد ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ ، قَالَ:
" كُنْتُ أَكْتُبُ الْوَحْيَ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَكَانَ يَشْتَدُّ نَفَسَهُ ويَعْرَقُ عَرَقًا شَدِيدًا مِثْلَ الْجُمَانِ ، ثُمَّ يُسَرَّى عَنْهُ ، فَأَكْتُبُ وَهُوَ يُمْلِي عَلَيَّ ، فَمَا أَفْرَغُ حَتَّى يَثْقُلَ ، فَإِذَا فَرَغْتُ قَالَ: اقْرَأْ فَأَقْرَأَهُ ، فَإِنْ كَانَ فِيهِ سَقْطٌ أَقَامَهُ".
وإسناده ضعيف .
فيه سعيد بن سليمان بن زيد بن ثابت ، مجهول الحال ، ذكره ابن حبان في "الثقات" (3081) ، وقال ابن حجر في "التقريب" (2560) :" مقبول "انتهى.
وقد روي مختصرا من طريق آخر عن زيد بن ثابت .
أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (5/115) ، من طريق يونس بن بكير ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ ، قَالَ: سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ ، يَقُولُ:" كَانَ إِذَا أُنْزِلَ الْوَحْيُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَقُلَ لِذَلِكَ، ويَحْدُرُ جَبِينُهُ عَرَقًا كَأَنَّهُ الْجُمَانُ وَإِنْ كَانَ فِي الْبَرْدِ".
وإسناده ساقط .
فيه عثمان بن عبد الرحمن بن عمر بن سعد بن أبي وقاص ، قال الذهبي في "ميزان الاعتدال" (3/43) :" قال البخاري : تركوه ، وقال ابن معين: ليس بشيء ، وقال - مرة: يكذب ، وضعفه علي جدا ، وقال النسائي ، والدارقطني: متروك ". اهـ
ثانيا: ذكر روايات صحيحة في حال النبي صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه الوحي
وأما كون النبي صلى الله عليه وسلم كان يعرق عرقا شديدا إذا نزل عليه الوحي ، وكذلك يثقل عليه ، وكون زيد بن ثابت من كُتاب الوحي فهو ثابت في أحاديث كثيرة ، منها :
ما أخرجه البخاري في "صحيحه" " (2661) ، ومسلم في "صحيحه" (2770) ، في قصة حديث الإفك ، وفيه تقول عائشة رضي الله عنها :" ثُمَّ تَحَوَّلْتُ عَلَى فِرَاشِي وَأَنَا أَرْجُو أَنْ يُبَرِّئَنِي اللَّهُ ، وَلَكِنْ وَاللَّهِ مَا ظَنَنْتُ أَنْ يُنْزِلَ فِي شَأْنِي وَحْيًا ، وَلَأَنَا أَحْقَرُ فِي نَفْسِي مِنْ أَنْ يُتَكَلَّمَ بِالقُرْآنِ فِي أَمْرِي ، وَلَكِنِّي كُنْتُ أَرْجُو أَنْ يَرَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّوْمِ رُؤْيَا يُبَرِّئُنِي اللَّهُ ، فَوَاللَّهِ مَا رَامَ مَجْلِسَهُ وَلاَ خَرَجَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ البَيْتِ ، حَتَّى أُنْزِلَ عَلَيْهِ الوَحْيُ ، فَأَخَذَهُ مَا كَانَ يَأْخُذُهُ مِنَ البُرَحَاءِ ، حَتَّى إِنَّهُ لَيَتَحَدَّرُ مِنْهُ مِثْلُ الجُمَانِ مِنَ العَرَقِ فِي يَوْمٍ شَاتٍ".
وما أخرجه البخاري في "صحيحه" (2832) ، من حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه ، :" أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْلَى عَلَيْهِ: لاَ يَسْتَوِي القَاعِدُونَ مِنَ المُؤْمِنِينَ النساء/95 ، وَالمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ النساء/95 ، قَالَ: فَجَاءَهُ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ وَهُوَ يُمِلُّهَا عَلَيَّ ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ، لَوْ أَسْتَطِيعُ الجِهَادَ لَجَاهَدْتُ - وَكَانَ رَجُلًا أَعْمَى - فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَفَخِذُهُ عَلَى فَخِذِي ، فَثَقُلَتْ عَلَيَّ حَتَّى خِفْتُ أَنَّ تَرُضَّ فَخِذِي ، ثُمَّ سُرِّيَ عَنْهُ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ النساء/95 ).
فخلاصة الأمر : أن الحديث الوارد لا يثبت سنده .
والله أعلم .
تعليق