الحمد لله.
أولا:
من المعلوم أن قراءة القرآن والتكبير من فعل الخير؛ لكن الجمع بينهما على هذه الصفة والهيئة ، وتخصيصها بزمن معين ، أو اعتقاد الفضل فيها : هو عمل مخالف للسنة، وهو حقيقة البدعة.
قال الشاطبي رحمه الله تعالى:
" البدعة طريقة في الدين مخترعة، تضاهي الشرعية، يقصد بالسلوك عليها ما يقصد بالطريقة الشرعية " انتهى من"الاعتصام" (1 / 47).
والتعبد بمثل هذه الهيئة الخاصة ، لا بد له من دليل شرعي ؛ وحيث لم يثبت به الدليل ، ولم يرد بمشروعيته نص ولا أثر؛ فهو في حد البدعة الشرعية .
فعن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ ، فَهُوَ رَدٌّ ) رواه البخاري (2697)، ومسلم (1718).
قال ابن رجب رحمه الله تعالى:
" وهذا الحديث أصل عظيم من أصول الإسلام، وهو كالميزان للأعمال في ظاهرها ، كما أن حديث: ( الأعمال بالنيات ) ميزان للأعمال في باطنها، فكما أن كل عمل لا يراد به وجه الله تعالى، فليس لعامله فيه ثواب، فكذلك كل عمل لا يكون عليه أمر الله ورسوله، فهو مردود على عامله، وكل من أحدث في الدين ما لم يأذن به الله ورسوله، فليس من الدين في شيء " انتهى من "جامع العلوم والحكم" (1 / 176).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:
" تصرفات العباد من الأقوال والأفعال نوعان: عبادات يصلح بها دينهم ، وعادات يحتاجون إليها في دنياهم ، فباستقراء أصول الشريعة نعلم أن العبادات التي أوجبها الله أو أحبها لا يثبت الأمر بها إلا بالشرع " انتهى من"مجموع الفتاوى" (29 / 16).
وراجع للأهمية جواب السؤال رقم : (127851)، ورقم :(192455).
وينظر حول مد الباء في كلمة التكبير، ونظقها بصيغة "أكبار" ومعناها مخالف لتعظيم الله تعالى، والمنع من ذلك : جواب السؤال رقم : (103381).
ثانيا:
أما حكم الإنصات لهم، فهو على ضربين:
إنصات موافق لهم ومستحسن لهذه الهيئة، فهذا منهي عنه؛ لأن الواجب على من رأى المنكر أن ينكره ولو بقلبه لا أن يستحسنه.
عن أَبي سَعِيدٍ الخدري، قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ( مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ ) رواه مسلم (49).
وأما إذا كان السامع منكرا لهذه البدعة، لكنه مجبر على سماعهم لعدم قدرته على التغيير، فهذا معذور، فالمسلم مأمور أن يتقي الله تعالى بما يستطيعه، وما يعجز عنه فهو معذور فيه.
قال الله تعالى:( لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ) البقرة/286.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:
" فمن استقرأ ما جاء به الكتاب والسنة تبين له أن التكليف مشروط بالقدرة على العلم والعمل، فمن كان عاجزا عن أحدهما سقط عنه ما يعجزه ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها...
وهذه قاعدة كبيرة " انتهى من "مجموع الفتاوى" (21 / 634).
مع اجتهاد السامع بالاشتغال عنهم بالتكبير المشروع.
وإذا لم يوجد مسجد آخر، أو مصلى تقام فيه السنة، فلا يشرع ترك صلاة العيد مع هؤلاء، للأجل ما تلبسوا به من المخالفة، أو البدعة؛ بل ترك مثل ذلك : أدخل في البدعة، وأشد في مخالفة الأمر الشرعي.
وينظر للفائدة : جواب السؤال رقم : (122339)،ورقم : (218771) .
والله أعلم.