هل يجوز مخالفة وصية الميت إذا أوصى بالدفن في مقبرة معينة؟

07-08-2021

السؤال 348317

أوصتنى أمي أن أدفنها فى مدافن ابن عمها، وطلبته لكى يزورنا، ووصتني أمامه بذلك، مع العلم إننا لدينا مدافن أبي ومدافن جدي، وأنا إذا نفذت وصيتها هذه لن أتمكن من زيارة قبرها؛ لأنى ليس عندي مفتاح لمدافن ابن عمتها، ولا يجوز لي أن أستاذن منهم بشكل دوري لزيارته، فهل يجوز عدم تنفيذ وصية أمى ودفنها فى أى من مدافن أبي أو جدي لكي أتمكن من زيارتها إن أعطاني الله تعالى العمر بعدها؟

الجواب

الحمد لله.

أولًا:

وصية الميت بالدفن في مكان معين

إذا أوصى المسلم أن يدفن في مقبرة معينة، فينبغي على ورثته أن ينفذوا وصيته، إذا كان ذلك متيسرا لهم، وليس فيه كلفة مالية، ولا مشقة كبيرة، ولم يكن هناك مانع من ذلك، أو عذر في مخالفة وصيته. 

وقد سبق بيان هذا في جواب السؤال رقم (134236).

ثانيا:

زيارة الميت من العبادات المستحبة

ما ذُكر في السؤال من علة الدفن في مدافن الوالد والجد: أمر معتبر ؛ فإن زيارة الميت من العبادات المندوبة، والسلام عليه والاستغفار له والدعاء له سنن مشروعة عند القبور، ولا شك أن ذلك كله ينفع الميت، ويصل له أجره، وهو من تمام بر الوالدين: أن يزار قبرهما الزيارة الشرعية، ويدعى لهما، ويستغفر لهما.

وينظر جواب السؤال رقم (111939).

ولذلك نقول لك:

إن الأولى من مخالفة وصية الوالدة: أن تستأذنوها في أن تدفن في قبر الوالد والجد، فمثل هذا لا يختلف الأمر فيه بالنسبة للميت، فلا مصلحة له في مجرد الدفن في قبر دون آخر، ولا منفعة تعود عليه في ذلك ؛ وإنما المنفعة التي تعود عليه: أن تتيسر لأهله وأبنائه زيارته، كلما أرادوا ذلك، دون كلفة منهم، ولا مؤونة، ولا منة في الاستئذان من غيرهم أن يدفن ميتهم عندهم، ثم الاستئذان في كل مرة: أن يزوروه !!

فإن لم تأذن، ورغبت في الدفن في هذا القبر، وأذن أصحاب هذا القبر في دفنها عندهم، فاستئذنوهم في أن يكون عندكم مفتاح المدفن، ليتيسر لكم الدخول على قبرها، كلما رغبتم في زيارتها.

فإن كان عليكم غضاضة في ذلك، فالذي يظهر أن الأقرب أن تدفن مع الوالد والجد، حيث يتيسر زيارتها لأبنائها وأحفادها. 

ثم إن دفنها مع الوالد، والجد، إذا دعت الحاجة إلى أن تدفن في قبر واحد مع رجل، أولى من الدفن مع الأجنبي، لا محرم، ولا زوج.

قال الحافظ ابن حجر، رحمه الله:

"وأما دفن الرجل مع المرأة فروى عبد الرزاق بإسناد حسن عن واثلة بن الأسقع أنه كان يدفن الرجل والمرأة في القبر الواحد فيقدم الرجل ويجعل المرأة وراءه وكأنه كان يجعل بينهما حائلا من تراب ولا سيما إن كانا أجنبيين والله أعلم ". انتهى، من "فتح الباري" (3/211).

وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم: (96667) ورقم (129865).

ثالثا:

من صور البر بالوالدين بعد موتهما

ينبغي أن يعلم أن نفع الوالدين بعد الوفاة، وبرهما: ليس في مجرد زيارة قبرهما، ولا هذا أعلى البر لهما، ولا أفضله، بل ينبغي الدعاء والاستغفار لهما في كل حال، عند الزيارة، وبغيرها. وينبغي تحين الأحوال التي ترجى فيها الإجابة، كأثناء السجود في الصلاة، ويوم الجمعة، وفي الثلث الأخير من الليل وغيرها.

عن أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ:  إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ  رواه مسلم (1631).

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:  إِنَّ الرَّجُلَ لَتُرْفَعُ دَرَجَتُهُ فِي الْجَنَّةِ فَيَقُولُ: أَنَّى هَذَا؟ فَيُقَالُ: بِاسْتِغْفَارِ وَلَدِكَ لَكَ رواه ابن ماجه (3660)، وحسّنه الألباني في "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (4 / 129).

وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم: (137688).

والله أعلم.

الجنائز وأحكام المقابر
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب