ما صحة هذا الحديث (لا يَزَالُ هَذَا الْأَمْرُ فِي قُرَيْشٍ مَا بَقِيَ مِنْهُمُ اثْنَان)؟
الحمد لله.
هذا الحديث صحيح متفق عليه؛ رواه البخاري (3501) ومسلم (1820) عَنِ ابْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: لاَ يَزَالُ هَذَا الأَمْرُ فِي قُرَيْشٍ مَا بَقِيَ مِنْهُمُ اثْنَانِ .
المقصود بالأمر هنا: منصب الخلافة العظمى، كما كان الحال في عهد الخلفاء الراشدين.
قال النووي رحمه الله تعالى:
"هذه الأحاديث وأشباهها دليل ظاهر أن الخلافة مختصة بقريش لا يجوز عقدها لأحد من غيرهم، وعلى هذا انعقد الإجماع في زمن الصحابة، فكذلك بعدهم، ومن خالف فيه من أهل البدع، أو عرض بخلاف من غيرهم: فهو محجوج بإجماع الصحابة والتابعين فمن بعدهم، وبالأحاديث الصحيحة.
قال القاضي: اشتراط كونه قرشيا هو مذهب العلماء كافة، قال: وقد احتج به أبو بكر وعمر رضي الله عنهم على الأنصار يوم السقيفة فلم ينكره أحد، قال القاضي: وقد عدها العلماء في مسائل الإجماع، ولم ينقل عن أحد من السلف فيها قول ولا فعل يخالف ما ذكرنا، وكذلك من بعدهم في جميع الأعصار." انتهى من "شرح صحيح مسلم" (12 / 200).
والراجح أن هذا الخبر بمعنى الأمر.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى:
"قال الكرماني: ليست الحكومة في زمننا لقريش؛ فكيف يطابق الحديث؟...
وحينئذ هو خبر بمعنى الأمر، وإلا فقد خرج هذا الأمر عن قريش في أكثر البلاد." انتهى من "فتح الباري" (6 / 536).
وقال الشيخ محمد بن علي بن آدم الأثيوبي رحمه الله تعالى:
"الأرجح حَمْله على الأمر؛ لوضوح أدلّته، فتنبّه." انتهى من "البحر المحيط الثجاج" (31 / 643).
والله أعلم.