نذرت صوم الاثنين والخميس لمدة شهرين، وزوجي يمنعني من الصيام، مع علمي بوجوب أخذ موافقته على صيام التطوع، لكني نذرت في وقت كنت مذعورة فيه، ولم أفكر، فماذا يجب علي أن أفعل؟
الحمد لله.
أولا:
لا يجوز للمرأة أن تصوم تطوعا وزوجها حاضر إلا بإذنه؛ لحديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لا يَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَصُومَ وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ إِلا بِإِذْنِهِ رواه البخاري (5195)، ومسلم (1026).
وفي " الموسوعة الفقهية " (28/ 99): "اتّفق الفقهاء على أنّه ليس للمرأة أن تصوم تطوّعاً إلاّ بإذن زوجها؛ لقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم: (لا تصم المرأة وبعلها شاهد، إلاّ بإذنه)؛ ولأنّ حقّ الزّوج فرض، فلا يجوز تركه لنفل" انتهى.
ثانيا:
للمرأة أن تنذر الصوم، وللزوج إن أضرت بحقه أن يأمرها بالفطر، ويلزمها طاعته، فإن لم يضر به، فليس له أن يأمرها بالفطر.
جاء في "حاشية الجمل" (2/ 354): "وخرج بالتطوع: الفرضُ؛ فلا يحرم، وليس للزوج قطعه. وظاهره: ولو بنذر مطلق لم يأذن فيه." انتهى.
فإن أضر بالزوج كان له قطعه.
وفي الموطأ: "قال مالك: الأمر عندنا في نذر المرأة أنه جائز عليها بغير إذن زوجها، يجب عليها ذلك، ويثبت إذا كان ذلك في جسدها، وكان ذلك لا يضر بزوجها، وإن كان يضر بزوجها كان ذلك عليها حتى تقضيه".
قال الباجي في شرحه: "وأما ما يتعلق بجسدها كالصلاة والصيام والحج: فإنه على ضربين:
أحدهما: أن يضر بالزوج ككثير الصيام والحج.
والثاني: لا يضر به كصلاة ركعتين وصيام يوم.
فإن كان ذلك يضر بزوجها منعها منه؛ لأن حقه قد تعلق بالاستمتاع بها، فليس لها أن تأتي بما يمنع منه، ولكن ذلك يبقى بذمتها حتى تجد إلى أدائه السبيل.
وإن كان ذلك مما لا يضر بالزوج: كان لها تعجيل فعله، ولم يكن للزوج منعها منه. والله أعلم وأحكم." انتهى من "المنتقى شرح الموطأ" (3/ 254).
وظاهر مذهب الحنابلة: أن الزوجة لا تصوم النذر بغير إذن زوجها، ولو لم يتضرر، ولها أن يأمرها بقطعه.
قال ابن مفلح رحمه الله: "ولا يجوز أن يعتكف العبد بلا إذن سيده، ولا المرأة بلا إذن زوجها, "و"[ أي: وفاقا لباقي الأئمة ]، لتفويت منافعهما المملوكة لهما.
فإن شرعا في نذر أو نفل بلا إذن، فلهما تحليلهما, وفاقا، لحديث أبي هريرة "لا تصوم المرأة وزوجها شاهد يوما من غير رمضان إلا بإذنه" إسناده جيد, رواه الخمسة4, وحسنه الترمذي. وضرر الاعتكاف أعظم, والحج آكد" انتهى من "الفروع" (5/134). وينظر: "الكافي" لابن قدامة (1/367).
وقال البهوتي، رحمه الله: "ولا يجوز لزوجه اعتكاف بلا إذن زوجها، ولا لقن بلا إذن سيده، ولهما تحليلهما من تطوع مطلقا، ومن نذر بلا إذن." انتهى من "الروض المربع" (243).
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (23/ 327): "امرأة متزوجة قالت: إن شفى الله لي ولدي فإن لله علي نذرا أن أصوم كل يوم اثنين وخميس من كل أسبوع- طوال عمرها-، وزوجها لم يأذن لها بهذا. ومن ثم تضرر من صيامها إذ إنه يخشى على نفسه الفتنة.
- فهل تكفر عن نذرها لحق زوجها لكونه تضرر أم لا؟
- إن حصل تكفير فهل تكفر عن النذر عموما أي عن جميع النذر مرة واحدة، أم عن كل يوم تفطره؟
- ما نوع الكفارة، كفارة صيام أو غير ذلك؟
- إذا كان يحق لها أن تكفر وتمكنت من صيام بعض الأيام، فهل يلزمها أن تصوم هذه الأيام، مثل لو أذن الزوج لها في هذا اليوم بالذات بالصوم أو كان مسافرا؟
- إذا كان يجب عليها الوفاء بالنذر فهل يأثم الزوج إذا أجبرها على الإفطار أو جامعها وهي صائمة؟
فأجابت: إذا كان الأمر كما ذكر، من أن المرأة المذكورة نذرت نذر التبرر المذكور بصيام يومي الخميس والاثنين من كل أسبوع إن شفى الله ولدها، وقد شفاه الله، وأنها متزوجة ولم يأذن زوجها، وهذا يضر بحقوق زوجها الشرعية= فإن المقرر شرعا وجوب الوفاء بالنذر، مثل نذر التبرر المذكور.
لكن بما أن حق الزوج متقدم على إيجاب النذر المذكور، والزوج تفوت عليه بعض الحقوق الزوجية؛ فعليها التحلل من نذرها المذكور بكفارة يمين، وهي: عتق رقبة مؤمنة، أو تطعم عشرة مساكين لكل واحد منهم نصف صاع من بر أو أرز أو غيرهما من قوت البلد، ومقداره بالكيلو: كيلو ونصف الكيلو، أو كسوتهم، فإن لم تستطع فتصوم ثلاثة أيام.
بكر أبو زيد... عبد العزيز آل الشيخ... صالح الفوزان... عبد الله بن غديان... عبد العزيز بن عبد الله بن باز" انتهى.
وعلى هذا؛ إذا منعك زوجك من الصيام فإنك تطيعينه، ويكون عليك كفارة يمين، وبهذا ينحل نذرك.
ولمزيد الفائدة، ينظر الجواب رقم (105285) ورقم (343461)
والله أعلم.