الحمد لله.
"أولاً: ينبغي التنبيه على أن النذر مكروه أو محرم الدخول فيه، لأنه يلزم المسلم بشيء قد لا يستطيعه، وقد يشق عليه وهو بعافية منه.
وعلى المسلم أن يفعل الخير من صيام وغيره بدون نذر، ويكون في سعة، إن شاء تركه، أما إذا نذر فإنه ألزم نفسه ووجب عليه أن يفي بنذره إذا كان نذر طاعة، لقوله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ)، ولقوله صلى الله عليه وسلم: (أوف بنذرك)، ولقوله تعالى: (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ) الإنسان/7، ولقوله تعالى: (وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ) الحج/29، ولقوله تعالى: (وَمَا أَنفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ) البقرة/27.
والنذر إذا وقع وكان نذر طاعة، فإنه يلزم ويجب العمل به، أما قبل الدخول فيه، فلا ينبغي للمسلم أن يلزم نفسه وأن يدخل فيه.
وهذا الذي ذكرته السائلة أنها نذرت أن تصوم التسعة الأولى من ذي الحجة باستمرار، فهذا نذر طاعة، يلزمها الوفاء به، وليس لزوجها أن يمنعها من ذلك، لأن زوجها إنما يمنعها من صيام التطوع، أما الصيام الواجب المؤقت بوقت محدد فإنه لا يجوز لزوجها أن يمنعها منه، وهي نذرت أن تصوم هذه الأيام المعنية، فيجب عليها الوفاء بذلك، وإذا كانت تقول: إنها لا تستطيع ذلك صحياً، فإن كان القصد أن ذلك يشق عليها، فهذا لا يمنع من أداء الواجب حتى وإن كان فيه مشقة فإنها تصوم، لأنها ألزمت نفسها بذلك، ومعلوم أن الصيام فيه مشقة حتى على القوي.
أما إذا كان قصدها من ذلك أنها لا تستطيع الصيام، فإنها في العام الذي لا تستطيع فيه الصيام لمرض أو ضعف في الجسم تكفر كفارة يمين، لكن إذا قويت في العام الآخر، يجب عليها الصيام وهكذا.
فلا يجوز لها ترك ما نذرته، لأنها ألزمت نفسها بذلك، ولا ينبغي للمسلم أن يتلاعب بالنذر، ينذر ويُلزم نفسه، ثم بعد ذلك يلتمس المخارج، ويلتمس الحيل، هذا لا يجوز، لأن النذر أصبح واجباً من الواجبات، لا يجوز التخلص منه بدون مبرر شرعي.
وإذا صادفت هذه الأيام وقت عادتها الشهرية، فإنها تكون معذورة بتركها، لأن هذا من الأعذار الشرعية، مثل لو كانت مريضة، فإن هذا عذر شرعي يسقط عنها صيام هذه الأيام، ولكن إذا جاءت هذه الأيام وليس عندها عذر شرعي بأن كانت صحيحة وطاهرة من الحيض يجب عليها ذلك" انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ صالح الفوزان" (1/90).
تعليق