حكم لعن المعين

07-07-2003

السؤال 36674

ما حكم لعن ( وليس سب فقط ) اليهود والنصارى أفرادا أو جماعات أحياءً كانوا أم أمواتا ؟ .

الجواب

الحمد لله.

قال صاحب لسان العرب : اللعن : الإبعاد والطرد من الخير ، وقيل الطرد والإبعاد من الله ، ومن الخَلْق السب والدعاء .

واللعن يقع على وجهين :

الأول : أن يلعن الكفار وأصحاب المعاصي على سبيل العموم ، كما لو قال : لعن الله اليهود والنصارى . أو : لعنة الله على الكافرين والفاسقين والظالمين . أو : لعن الله شارب الخمر والسارق . فهذا اللعن جائز ولا بأس به . قال ابن مفلح في الآداب الشرعية (1/203) : ويجوز لعن الكفار عامة اهـ .

الثاني : أن يكون اللعن على سبيل تعيين الشخص الملعون سواء كان كافراً أو فاسقاً ، كما لو قال : لعنة الله على فلان ويذكره بعينه ، فهذا على حالين :

1- أن يكون النص قد ورد بلعنه مثل إبليس ، أو يكون النص قد ورد بموته على الكفر كفرعون وأبي لهب ، وأبي جهل ، فلعن هذا جائز .

قال ابن مفلح في الآداب الشرعية (1/214) : ويجوز لعن من ورد النص بلعنه ، ولا إثم عليه في تركه اهـ .

2- لعن الكافر أو الفاسق على سبيل التعيين ممن لم يرد النص بلعنه بعينه مثل : بائع الخمر – من ذبح لغير الله – من لعن والديه – من آوى محدثا - من غير منار الأرض – وغير ذلك .

" فهذا قد اختلف العلماء في جواز لعنه على ثلاثة أقوال :

أحدها : أنه لا يجوز بحال .

الثاني : يجوز في الكافر دون الفاسق .

الثالث : يجوز مطلقا " اهـ

الآداب الشرعية لابن مفلح (1/303) .

واستدل من قال بعدم جواز لعنه بعدة أدلة ، منها :

1- ما رواه البخاري (4070) عن عبد الله بن عمر أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ مِنْ الرَّكْعَةِ الآخِرَةِ مِنْ الْفَجْرِ يَقُولُ : اللَّهُمَّ الْعَنْ فُلانًا وَفُلانًا وَفُلانًا بَعْدَ مَا يَقُولُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ : ( لَيْسَ لَكَ مِنْ الأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ ) .

2- ما رواه البخاري ( 6780 ) عن عمر أن رجلا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم كان اسمه عبد الله ، وكان يلقب حمارا ، وكان يضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد جلده في الشراب ، فأتي به يوما فأمر به فجلد ، قال رجل من القوم : اللهم العنه ، ما أكثر ما يؤتى به ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا تلعنوه ، فو الله ما علمت ، إلا أنه يحب الله ورسوله ) .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (6/511) :

" واللعنة تجوز مطلقا لمن لعنه الله ورسوله ، وأما لعنة المعين فإن علم أنه مات كافرا جازت لعنته ، وأما الفاسق المعين فلا تنبغي لعنته لنهي النبي صلى الله عليه وسلم أن يلعن عبد الله بن حمار الذي كان يشرب الخمر ، مع أنه قد لعن شارب الخمر عموما ، مع أن في لعنة المعين إذا كان فاسقا أو داعيا إلى بدعة نزاعاً " اهـ " انتهى .

وقال الشيخ ابن عثيمين في "القول المفيد" (1/226) :

" الفرق بين لعن المعين ولعن أهل المعاصي على سبيل العموم ؛ فالأول (لعن المعين) ممنوع ، والثاني (لعن أهل المعاصي على سبيل العموم) جائز ، فإذا رأيت محدثا ، فلا تقل لعنك الله ، بل قل : لعنة الله على من آوى محدثا ، على سبيل العموم ، والدليل على ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لما صار يلعن أناسا من المشركين من أهل الجاهلية بقوله : (اللهم ! العن فلانا وفلانا وفلانا ) نهي عن ذلك بقوله تعالى : ( ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون ) رواه البخاري" اهـ .

والله تعالى أعلم .

الجنة والنار المناهي اللفظية
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب