الحمد لله.
أولاً :
نسأل الله تعالى لإخواننا في فلسطين وغيرها أن ينصرهم على عدوهم ، وينزل السكينة عليهم ، ويمكن لهم في الأرض .
وصبراً آهل فلسطين ، وصبراً أيها المستضعفون ، فإن نصر الله آت لا محالة ، ( فَإنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ) صحيح الجامع (6806) .
ومهما طال الليل فلا بد له من نهاية ، ولا بد لضياء الفجر أن يبدد ظلام الليل .
ثانيا :
العقارات من أراضٍ وبيوت ومحلات وغيرها لا زكاة فيها إلا إذا كانت للتجارة ، بمعنى أنه اشتراها ليتاجر فيها ببيعها وتحصيل الربح .
فالعقارات التي يؤجرها صاحبها لا زكاة فيها ، وإنما الزكاة في الأجرة إذا بلغت نصابا وحال عليها الحول .
والنصاب هو ما يعادل 85 جم من الذهب أو 595 جم من الفضة .
انظر السؤال (2795) .
فإذا بلغت الأجرة التي لك عند المستأجرين قيمة نصاب الفضة أو الذهب وحال عليها الحول من حين بلوغها نصاباً فقد اختلف أهل العلم في وجوب الزكاة في الدَّيْن على مُعْسِرٍ ، على أقوال :
الأول : أنه لا تجب فيه الزكاة .
وهو قول قتادة وإسحاق وأبي ثور وابن حزم ورواية عن أحمد ، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية ، لأنه غير مقدور على الانتفاع به .
انظر : "المحلى" (4/221) ، "الإنصاف" (3/18) ، "الاختيارات" (ص 98) .
الثاني : يزكيه إذا قبضه لما مضى من السنين .
وهو قول الثوري وأبي عبيد ومذهب الشافعية والحنابلة . واحتجوا بقول علي رضي الله عنه في الدين المظنون ، قال : إن كان صادقاً فليزكه إذا قبضه لما مضى . رواه عبد الرزاق في "المصنف" (7116) . انظر : "المجموع" (6/16) ، "المغني" (2/345) "الإنصاف" (3/22) .
الثالث : يزكيه إذا قبضه لعام واحد .
وهو قول عمر بن عبد العزيز والحسن والليث والأوزاعي وهو مذهب مالك ، كما في الموطأ (1/253) حيث قال : " الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا في الدين أن صاحبه لا يزكيه حتى يقبضه ، وإن أقام عند الذي هو عليه سنين ذوات عدد ، ثم قبضه صاحبه لم تجب عليه إلا زكاة واحدة "
وانظر : "الكافي" لابن عبد البر (1/93) .
وهذا القول الثالث هو الذي عليه فتوى اللجنة الدائمة للإفتاء(9/190) حيث جاء فيها :
" وإن كان (يعني الدين) على غير مليء فيزكيه إذا قبضه لسنة واحدة ، وإن مضى عليه أكثر من سنة ، وهذا رواية عن الإمام أحمد ، وهو قول مالك ، وأفتى به الشيخ عبد الرحمن بن حسن وقال : وهو اختيار الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله " انتهى .
ورجحه كذلك الشيخ ابن عثيمين ، فقال :
" فإن كان الدين على معسر فإن الصحيح أن الزكاة لا تجب فيه ؛ لأن صاحبه لا يملك المطالبة به شرعاً ، فإن الله تعالى يقول : ( وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَىٰ مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ) فهو حقيقة عاجز شرعاً عن ماله ، فلا تجب عليه الزكاة فيه ، لكن إذا قبضه فإنه يزكيه سنة واحدة فقط ، وإن بقي في ذمة المدين عشر سنوات ؛ لأن قبضه إياه يشبه تحصيل ما خرج من الأرض يزكى عند الحصول عليه ، وقال بعض أهل العلم : لا يزكيه لما مضى ، وإنما يبتدىء به حولاً من جديد ، وما ذكرناه أحوط ، وأبرأ للذمة أنه يزكيه عن سنة واحدة لما مضى ، ثم يستأنف به حوله ، والأمر في هذا سهل ، وليس من الصعب على الإنسان أن يؤدي ربع العشر من دَيْنه الذي قبضه بعد أن يأس منه ، فهذا من شكر نعمة الله عليه بتحصيله " انتهى . "مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين" (18/28) .
وخلاصة الجواب :
أن هذه العقارات التي عندك لا زكاة فيها ، سواء التي تؤجرها أو التي هي فارغة ، وإنما الزكاة في الأجرة إذا بلغت نصابا وحال عليها الحول ، وهذا الأجرة التي لك عند المستأجرين إذا بلغت نصاباً فإنك تزكيها إذا قبضتها لسنة واحدة فقط ، وإن مَرَّ عليها عدة سنوات .
والله أعلم .