الحمد لله.
يقول الله تعالى: وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالَ هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ (٧٧) وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِنْ قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ قَالَ يَاقَوْمِ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ (٧٨) قَالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ (٧٩) قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ (٨٠) قَالُوا يَالُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ (٨١) فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ (٨٢) مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ (٨٣) [هود: 77-83].
وقال سبحانه: ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ (١٠) [التحريم: 10].
وحاصل ما ذكر من أمرها في القرآن الكريم، أنها كانت من المعذبين، وأنها قد أصابها من العذاب ما أصاب قومها.
قال الشيخ السعدي، رحمه الله: " قَالُوا له: إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ أي: أخبروه بحالهم ليطمئن قلبه، لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ بسوء.
ثم قال جبريل بجناحه، فطمس أعينهم، فانطلقوا يتوعدون لوطا بمجيء الصبح، وأمر الملائكة لوطا، أن يسري بأهله بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ أي: بجانب منه قبل الفجر بكثير، ليتمكنوا من البعد عن قريتهم.
وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ أي: بادروا بالخروج، وليكن همكم النجاة ولا تلتفتوا إلى ما وراءكم.
إِلا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا من العذاب مَا أَصَابَهُمُ لأنها تشارك قومها في الإثم، فتدلهم على أضياف لوط، إذا نزل به أضياف.
إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ فكأن لوطا، استعجل ذلك، فقيل له: أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ ." انتهى، من "تيسير الكريم المنان في تفسير كلام الرحمن" (386).
وقد ورد في هلاك هذه المرأة، ما رواه الطبري عن سعيد، قال: «فمضت الرسل من عند إبراهيم إلى لوط، فلما أتوا لوطًا، وكان من أمرهم ما ذكر الله، قال جبرئيل للوط: يا لوط إنا مهلكو أهل هذه القرية إن أهلها كانوا ظالمين [العنكبوت: 31] فقال لهم لوط: أهلكوهم الساعة فقال له جبرئيل عليه السلام: إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب [هود: 81] فأنزلت على لوط: أليس الصبح بقريب [هود: 81] قال: فأمره أن يسري بأهله بقطع من الليل، ولا يلتفت منهم أحد إلا امرأته " قال: فسار، فلما كانت الساعة التي أهلكوا فيها، أدخل جبرئيل جناحه، فرفعها حتى سمع أهل السماء صياح الديكة، ونباح الكلاب، فجعل عاليها سافلها، وأمطر عليها حجارة من سجيل، قال: وسمعت امرأة لوط الهدة، فقالت: واقوماه، فأدركها حجر فقتلها ».
تفسير الطبري (12/ 515).
وورد عن بعض السلف، ذُكِر لنا: أنّها كانت مع لوط لَمّا خرج مِن القرية، فسمعت الصوتَ، فالتَفَتَتْ، فأرسل اللهُ عليها حجرًا، فأهلكها، فهي معلوم مكانُها شاذَّةً عن القوم.
موسوعة التفسير المأثور: (11/ 381)، وانظر بقية الآثار فيها.
وانظر في قصة لوط عليه السلام، الجواب رقم: (290802).
والله أعلم.