الحمد لله.
أولا:
لا حرج في التسويق للمنتجات مقابل عمولة بشرطين:
الأول: أن تكون المنتجات مباحة، فلا يجوز التسويق لشيء محرم؛ لما فيه من الإعانة على الإثم.
الثاني: أن لا يدفع المسوق شيئا مقابل اشتراكه في التسويق ، وألا يُلْزَم بشراء المنتَج؛ لما في ذلك من القمار والميسر.
وينظر: الفتوى رقم: (42579)، ورقم: (40263)، ورقم: (45898)، ورقم: (179548).
ثانيا:
يجوز للمسوق أن يتعامل مع مسوقين من الباطن مقابل عمولة أقل، ويكون الفرق له.
وذلك كأن تكون العمولة 100 فيتفق مع من يسوق لها ب 80 مثلا، ويأخذ الفرق، فهذا جائز وهو من باب الجعالة من الباطن أو جعالة على جعالة، إلا إذا شُرط عليه أن يتولى التسويق بنفسه؛ فيلزمه الوفاء بالشرط.
والمسألة مقيسة على جواز الإجارة من الباطن.
قال الغَزالي: "لا يتعين على العامل المعين العمل بنفسه، فلو قال لشخص معين: إن رددت عبدي الآبق فلك كذا؛ لم يتعين عليه بنفسه، بل له الاستعانة بغيره، فإذا حصل العمل استحق الأجرة" انتهى من "مغني المحتاج" (2/558).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "كشركة الدلالين، وقد نص أحمد على جوازها، فقال في رواية أبي داود، وقد سئل عن الرجل يأخذ الثوب ليبيعه، فيدفعه إلى الآخر يبيعه ويناصفه فيما يأخذ من الكراء؟ قال: الكراء للذي باعه، إلا أن يكون يشتركان فيما أصابا.
ووجه صحتها: أن بيع الدلال وشراءه، بمنزلة خياطة الخياط، ونجارة النجار وسائر الأجراء المشتركين، ولكل منهم أن يستنيب، وإن لم يكن للوكيل أن يوكل.
ومأخذ من منع: أن الدلالة من باب الوكالة، وسائر الصناعات من باب الإجارة.
وليس الأمر كذلك" انتهى من "الاختيارات الفقهية ضمن الفتاوى الكبرى"(5/404).
وقال في "كشاف القناع" (3/566): " (وإذا تقبّل) الأجير (عملا في ذمته بأجرة، كخياطة أو غيرها: فلا بأس أن يقبّله غيره بأقل منها)، أي أجرته ... ؛ لأنه إذا جاز أن يقبله بمثل الأجر الأول أو أكثر؛ جاز بدونه، كالبيع , وكإجارة العين " انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " لو أن الإنسان استؤجر على عمل في الذمة، بأن قيل له: نريد أن تنظف هذا البيت كل يوم ولك في الشهر مائة ريال، فاستأجر من ينظف البيت كل يوم على حسب ما حصل عليه العقد لكن بخمسين ريالا، يجوز؛ لأن هذا من جنس ما إذا قلنا: إنه يجوز أن يؤجر بقية مدته بأكثر من الأجرة، وعلى هذا عمل الناس اليوم، تجد الدولة ـ مثلا ـ تتفق مع شركة على تنظيف المساجد، كل مسجد الشهر بكذا وكذا، ثم إن هذه الشركة تأتي بعمال يقومون بما تم عليه العقد بأقل من ربع ما اتفقت الشركة مع الحكومة عليه.
إلا إذا كان الغرض يختلف بالنسبة للمستأجر، فإذا كان يختلف فهذا لا يجوز، مثل: إنسان استأجرته لينسخ لك "زاد المستقنع" [كتاب في الفقه الحنبلي]، وتعرف أن الرجل خطه جيد وأن خطأه قليل، فاستأجر إنسانا خطه جميل يخطه بأقل مما أجرته به. يقول العلماء: إنه لا يجوز؛ لأن العبرة بالنسخ وليس بجمال الخط فحسب، ولكن بجمال الخط ووضع الفواصل والعلامات والإملاء، كم من إنسان خطه من أجمل الخطوط لكن في الإملاء يكتب (غير المغضوب عليهم ولا الضالين) [الفاتحة: 7] بالظاء المشالة في الموضعين فهذا خطأ في الإملاء، وكثير من الطلاب خطوطهم جميلة، لكن في الإملاء ليس عندهم قاعدة، وكثير من الناس خطه رديء ولا يعرف قراءته إلا من تمرن عليه ولكنه في الإملاء جيد.
المهم، على كل حال: ما يختلف فيه الغرض لا يجوز لأحد أن يقيم مقامه غيره " انتهى من "الشرح الممتع" (10/39).
وينظر: "أحكام الوساطة التجارية"، للدكتور عبد الرحمن بن صالح الأطرم، ص 308
والحاصل:
أنه لا حرج على المسوق في تكوين فريق، واستئجارهم من الباطن بعمولة أقل، ليكون الفرق له، ما لم يُشترط عليه أن يسوق بنفسه.
والله أعلم.