الحمد لله.
إذا أعطاك المال لتتاجر له فيه، فتكون شريكا بعملك، وهو بماله، على أن يكون الربح مناصفة، فهذه مضاربة.
وإذا كنت ستشارك مع العمل بمال، فهذه شركة.
ويلزمك في الحالتين إعطاؤه ربحه كما اتفقتما، ولا يحل لك أن تخصم من ربحه شيئا تحت مسمى رسوم السحب، فهذا ربحه الذي يجب إعطاؤه له إما في نهاية المدة، أو الدورة، أو أن يسحب منه (تحت الحساب)، إلى أن تتم التصفية ومعرفة الربح وتقسيمه؛ بشرط ألا يبدأ السحب إلا بعد ظهور شيء من الأرباح الفعلية.
فاشتراط أن يدفع رسوما على السحب أمر محرم؛ لأنه أكل للمال بالباطل.
وإذا كانت الرسوم مجهولة من 5 الى 95% فهذا إضافة إلى كونه أكلا للمال بالباطل فإنه يفسد عقد المضاربة والشركة؛ لأنه يؤدي إلى جهالة نسبة ربح صاحبك، فلم يعد له 50% من الربح، بل قد يأخذ 10% أو 20% أو أكثر أو أقل، على حسب ما تقرر أنت ؛ حتى صار الأمر إلى ما ذكرت: لا يأخذ من أرباحه إلا 5%! وهذا ظلم بين، وأكلم للمال بالباطل، بل هو باللعب والاستخفاف أشبه منه بالعقود الجادة!!
وكل شرط يؤدي إلى جهالة الربح في المضاربة أو الشركة فهو يفسدها.
قال المرداوي في "الإنصاف" (5/423): " والشروط في الشركة ضربان: صحيح، وفاسد، فالفاسد: مثل أن يشترط ما يعود بجهالة الربح، أو ضمان المال، أو أن عليه من الوضيعة أكثر من قدر ماله ... ونحو ذلك، فما يعود بجهالة الربح: يفسد به العقد" انتهى.
والعقد الفاسد لا يجوز الدخول فيه، ولا عبرة بتراضي الطرفين عليه.
فالواجب إلغاء هذا الشرط الفاسد، والحذر من أكل المال بالباطل، وقد وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ بَيْنَكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا لِيُبَلِّغ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ) رواه البخاري (67)، ومسلم (1679).
وقال صلى الله عليه وسلم يقول: (كُلُّ جَسَدٍ نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ فَالنَّارُ أَوْلَى بِهِ) رواه الطبراني عن أبي بكر، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (4519).
ورواه الترمذي (614) من حديث كعب بن عجرة بلفظ: (إِنَّهُ لَا يَرْبُو لَحْمٌ نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ إِلَّا كَانَتِ النَّارُ أَوْلَى بِهِ) وصححه الألباني في "صحيح الترمذي".
والله أعلم.