الحمد لله.
لا يجوز العمل مع هذه الشركة ، وذلك لأن هذا المبلغ الذي يدفع لها في بداية العمل ، هو قرض ، لأن الشركة تتملك هذا المال وتنفقه ، ثم ترد بدله بعد نهاية العقد ، وهذه هي حقيقة القرض.
قال البهوتي رحمه الله في "الروض المربع" (5/36) :
"القرض : دفع مال لمن ينتفع به ويرد بدله" انتهى .
فإذا ثبت أن هذا المبلغ قرض ، فقد حرم النبي صلى الله عليه وسلم الجمع بين القرض والبيع ، فلا يجوز لمن يبيع أو يشتري شيئا ، أن يشترط على الطرف الآخر أن يقرضه .
روى أبو داود (3504)، والترمذي (1234) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (لا يحل سلف وبيع) وحسنه الألباني في "إرواء الغليل" (1307) .
قال في "تحفة الأحوذي" (4/361) :
" قَالَ الْقَاضِي رَحِمَهُ اللَّهُ : أَيْ : لَا يَحِلُّ بَيْعٌ مَعَ شَرْطِ سَلَفٍ ، بِأَنْ يَقُولَ مَثَلًا : بِعْتُك هَذَا الثَّوْبَ بِعَشْرَةٍ عَلَى أَنْ تُقْرِضَنِي عَشْرَةً " انتهى .
وقال ابن جُزيّ :
" البيع باشتراط السلف من أحد المتابعين : لا يجوز بإجماع ؛ إذا عزم مشترطه عليه " انتهى من "القوانين الفقهية" (2/125) .
والموظف أجير عند الشركة التي يعمل بها ، والإجارة مثل البيع ، لأنها بيع منفعة .
قال ابن قدامة رحمه الله :
"وإن شرط في القرض أن يؤجره داره ، أو يبيعه شيئاً ، أو أن يقرضه المقترض مرة أخرى : لم يجز ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم (نهى عن بيع وسلف) " انتهى من "المغني" (4 / 355( .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : " فإذا جمع بين سلف وإجارة ، فهو جمع بين سلف وبيع ، أو مثله" انتهى من "مجموع الفتاوى" (29/62) .
وجاء في " المعايير الشرعية " ص 523 : " لا يجوز اشتراط عقد البيع والإجارة ونحوهما في عقد القرض " انتهى.
وعلى هذا ؛ فلا يجوز العمل في هذه الشركة وفقا لهذا النظام لأنه جمع بين القرض والإجارة .
وهذا كله ، على افتراض أن الغرض من تصرف الشركة، أن يقوم هذا "الأجير" أو "الموظف" بعمل حقيقي، مقصود للشركة.
وإلا؛ فقد يكون مقصودها المال الذي يدفعه، لتستثمر هي هذا المال، فيما بدا لها ، من حلال أو استثمار ربوي ، أو غيره ، ويكون ما يأخذه على أنه أجرة ، هو في حقيقة : ربا ماله الذي دفعه للشركة !!
والله أعلم .