هل للزوج منع زوجته من التواصل بأخواتها على وجه قد يؤدي إلى فتنة؟

21-01-2024

السؤال 460672

لدى زوجتي مجموعة خاصة مع أخواتها عبر إحدى وسائل التواصل الإجتماعي، يقمن بمراسلة بعضهن بالصوت و لصورة والصور، و في إحدى المرات سمعت صوت أحد أزواجهن يرد عليهن بدلا من زوجته. فهل يحق لي أن أمر زوجتي بالخروج منها، وعدم مراسلتهم حتى على الخاص؛ خوفا من أن يقوم أحد الأزواج بسماع ومشاهدة ما أرسلته زوجتي؟

الجواب

الحمد لله.

سبق بيان أن المرأة إذا كانت لها أخت متزوجة، فزوج أختها ليس محرما لها، فعليها أن تحتجب منه، كما في جواب السؤال رقم: (32689).

وعادة كثير من النساء أنهن يتساهلن في الحجاب والحديث أمام إخوان أزواجهن، أو أزواج أخواتهن، وهذا لا يجوز.

عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ .

فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ! أَفَرَأَيْتَ الحَمْوَ؟

قَالَ: الحَمْوُ المَوْتُ رواه البخاري (5232)، ومسلم (2172).

قال النووي رحمه الله تعالى:

" وأما قوله صلى الله عليه وسلم: (الحَمْوُ المَوْتُ) فمعناه؛ أن الخوف منه أكثر من غيره، والشر يتوقع منه والفتنة أكثر؛ لتمكنه من الوصول إلى المرأة والخلوة، من غير أن يُنكَر عليه، بخلاف الأجنبى.

والمراد (بالحمو) هنا أقارب الزوج غير آبائه وأبنائه، فأما الآباء والأبناء فمحارم لزوجته تجوز لهم الخلوة بها، ولا يوصفون بالموت، وإنما المراد الأخ وابن الأخ والعم وابنه ونحوهم ممن ليس بمحرم، وعادة الناس المساهلة فيه، ويخلو بامرأة أخيه ، فهذا هو الموت، وهو أولى بالمنع من الأجنبي لما ذكرناه " انتهى من "شرح صحيح مسلم" (14/154).

وكل ما يؤدي عادة إلى الفتنة فإنه يجب سد بابه.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:

" والأصل أن كل ما كان سببا للفتنة فإنه لا يجوز، فإن الذريعة إلى الفساد يجب سدها إذا لم يعارضها مصلحة راجحة.

ولهذا كان النظر الذي قد يفضي إلى الفتنة محرما، إلا إذا كان لحاجة راجحة " انتهى من "مجموع الفتاوى" (15/419).

وبناء على هذا؛ فأنت مسئول عن أهل بيتك، فعليك أن تأمر زوجتك بأن تترك التواصل مع أخواتها بالطريقة التي تنكشف بها أمام زوج أختها ، وأن تكتفي بالتواصل بأخواتها بوسيلة مأمونة، فهذا من تمام النصح للزوجة.

قال الله تعالى: يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَالتحريم/6.

قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله تعالى:

" فـ ( قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا ) ... ووقاية الأهل والأولاد، بتأديبهم وتعليمهم، وإجبارهم على أمر الله، فلا يسلم العبد إلا إذا قام بما أمر الله به في نفسه، وفيما يدخل تحت ولايته من الزوجات والأولاد وغيرهم ممن هو تحت ولايته وتصرفه " انتهى . "تفسير السعدي" (ص 874).

وعليك أن تراعي الرفق في توجيه زوجتك وأن يكون بالحسنى، ومراعاة عدم قطع الرحم.

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَكْمَلُ المُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا، وَخَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِنِسَائِهِمْ رواه الترمذي (1162) وقال: " هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ ".

لكن إذا كان التواصل بالصوت فقط، ولم يكن فيه فيديو، ولا تبادل صورة، فأمره سهل، حتى لو رد زوج أختها لأمر عارض، من غير خضوع بالقول، ولا ريبة، فهذا أمره يسير، ما دام أنه غير معتاد، ولا بأس بالإبقاء على التواصل على تلك الحال، مع تنبيه الأخوات إلى أنه لا معنى أن يرد أزواجهن، بل إما أن ترد الأخت، أو يترك بالرد بالكلية إلى أن تتمكن أختها من الرد عليها.

والله أعلم.

عرض في موقع إسلام سؤال وجواب