الحمد لله.
أولا:
ذهب جمهور أهل العلم إلى أن من سافر، ونزل بمكان عزم على الإقامة فيه أكثر من أربعة أيام: أتم صلاته، وانقطعت عنه رخصة القصر.
مع اختلافهم في جملة من تفاصيل ذلك.
قال ابن قدامة رحمه الله تعالى:
" المشهور عن أحمد، رحمه الله، أن المدة التي تلزم المسافر الإتمام بنية الإقامة فيها، هي ما كان أكثر من إحدى وعشرين صلاة. رواه الأثرم، والمروذى، وغيرهما.
وعنه : أنه إذا نوى إقامة أربعة أيام أتم، وإن نوى دونها قصر. وهذا قول مالك، والشافعى، وأبي ثور؛ … وروي هذا القول عن عثمان، رضى الله عنه " انتهى من "المغني" (3/ 147).
وقد سبق بيان هذا في جواب السؤال رقم: (470854).
ثانيا:
المسافر الذي يأخذ بهذا القول: إن عزم على إقامة هذه المدة ؛ يلزمه أن يتم الصلاة من يوم وصوله إلى المكان الذي عزم على الإقامة فيه، إن كان قد عزم على ذلك قبل أن يصل إلى مكان الإقامة.
وإن عزم على الإقامة بعد وصوله، فإنه يتم من لحظة عزمه ونيته.
جاء في "التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب" في الفقه المالكي (2/26):
" قوله: ( وَتَقْطَعُهُ نِيَّةُ إِقَامَةِ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ، وَإِنْ كَانَتْ فِي خِلالِهِ، عَلَى الأَصَحِّ. ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَسُحْنُونٌ: عِشْرُونَ صَلاةً .… ).
أي: وتقطع القصرَ نيةُ إقامة أربعة أيام، لا إقامتها، فإنه لو أقام، ولو شهورا، من غير نية الإقامة، بل كان لحاجة وهو يرجو قضاءها كل يوم: قصر.
فالقاطع: نية الإقامة؛ لا الإقامة.
قوله: ( وَإِنْ كَانَتْ فِي خِلالِهِ عَلَى الأَصَحِّ ): أشار إلى فرع؛ وهو إذا خرج لسفر طويل، ناويا أن يسير ما لا تُقصر فيه الصلاة، ويقيم أربعة أيام، ثم يسير ما بقي من المسافة: فلا شك في إتمامه في مقامه… " انتهى.
وجاء في "كفاية النبيه في شرح التنبيه" في الفقه الشافعي (4/156):
" قال: وإن نوى المسافر إقامة أربعة أيام، غير يوم الدخول ويوم الخروج: أتم؛ أي: من حين نيته.
هذا الفصل مسوق لبيان أمرين:
أحدهما: دل عليه منطوقه، وهو لزوم الإتمام عند نية المقام أربعة أيام، غير يوم الدخول ويوم الخروج … " انتهى.
وجاء في "الروض المربع" في الفقه الحنبلي (ص144):
" ( أو نوى إقامة أكثر من أربعة أيام ): أتم، وإن أقام أربعة أيام فقط: قصر " انتهى.
وسُئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى:
"إذا كان أقام أكثر من أربعة أيام هل يقصر أربعة الأيام ثم يتم؟
فأجاب: لا، لا يقصر أبدا، ما دام نوى الإقامة أكثر، من أول ما وصل " انتهى من "موقع الشيخ".
ولا نعلم من أهل العلم من نص على أن المسافر إذا عزم على الإقامة في بلد أكثر من أربعة أيام قصر في الأربعة الأولى، ثم يتم في الأيام التي بعد ذلك.
ومن ذلك يتبين أنه كان عليك أن تتم الصلاة من أول يوم وصلت فيه إلى البلد الذي نويت الإقامة فيه أسبوعا، وما فعلته من قصر الصلاة في الأربعة الأيام الأولى تصرف لا يصح.
وقد ذهب عدد من أهل العلم - استنادا إلى عدة نصوص شرعية - إلى أن من اجتهد في أداء الصلاة على الوجه الذي يعتقد صحته، ثم انتبه إلى أنه أخل بشيء من واجباتها جهلا، أنه لا إعادة عليه، لكن الأحوط أن تعيد تلك الصلوات، كما سبق بيانه في جواب السؤال رقم: (296096)، ورقم: (244044)، ورقم: (50312).
والله أعلم.