هل الفأل له تأثير في قضاء الحوائج؟

01-07-2024

السؤال 514683

قرأت في موقعكم عن الفأل، فوجدت هذه الجملة: فقد يحدث أمر سار يصادف دخول بعض الناس، فيتفاءل الرجل به لصلاحه، أو لحسن وجهه وبشاشته، أو لحسن اسمه، فما علاقة الحدث بصلاح الرجل حتى أتفاءل به؟ فكل الأمور مقدرة من عند الله تعالى، أو أن أقول وجهك وجه خير فمنذ إن جئت زادت تجارتي، فلم أفهم مقصود الفأل، فهل يمكن اعتبار الشخص سببا في وجود الخير والنماء مثلا، لذلك جاز التفاؤل؟

الجواب

الحمد لله.

رؤية الشخص الصالح أو حسن الوجه ليست سببا في وجود الخير أو النماء، لكن يستبشر الإنسان برؤية الصالح، فيتفاءل ويرجو أن الله يقضي حاجته أو يُنجح أمره، على جهة أن صحبة الصالحين خير، فلعل الله ساقه ليكون بشارة له على تمام أمره، وهذا من حسن الظن بالله.

وكذلك إذا سمع كلمة سارة كأن يكون مريضا، فيسمع من يقول: يا سليم أو يا معافى، أو يأته رجل اسمه سليم، فيتفاءل ويرجو الشفاء من الله.

وقد روى أبو داود (3920) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ: " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَا يَتَطَيَّرُ مِنْ شَيْءٍ، وَكَانَ إِذَا بَعَثَ عَامِلًا سَأَلَ عَنِ اسْمِهِ ، فَإِذَا أَعْجَبَهُ اسْمُهُ فَرِحَ بِهِ ، وَرُئِيَ بِشْرُ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ، وَإِنْ كَرِهَ اسْمَهُ رُئِيَ كَرَاهِيَةُ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ، وَإِذَا دَخَلَ قَرْيَةً سَأَلَ عَنِ اسْمِهَا ، فَإِنْ أَعْجَبَهُ اسْمُهَا ، فَرِحَ وَرُئِيَ بِشْرُ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ، وَإِنْ كَرِهَ اسْمَهَا رُئِيَ كَرَاهِيَةُ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ " .وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" .

وروى البزار (4383) عَنْ بُرَيْدَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وَسَلَّم : إِذَا أَبْرَدْتُمْ إِلَيَّ بَرِيدًا فَأَبْرِدُوهُ حَسَنَ الْوَجْهِ حَسَنَ الاسْمِ وصححه الألباني في "الصحيحة" (1186)

قال المناوي رحمه الله: "  للتفاؤل بِحسن صورته واسْمه " انتهى من "التيسير".(1/ 57) 

وصح أن الميت يستبشر حين يرى في قبره رجلا حسن الوجه طيب الريح، كما روى أحمد (18534) من حديث البراء بن عازب، وفيه: قَالَ:  وَيَأْتِيهِ رَجُلٌ حَسَنُ الْوَجْهِ، حَسَنُ الثِّيَابِ، طَيِّبُ الرِّيحِ، فَيَقُولُ: أَبْشِرْ بِالَّذِي يَسُرُّكَ، هَذَا يَوْمُكَ الَّذِي كُنْتَ تُوعَدُ، فَيَقُولُ لَهُ: مَنْ أَنْتَ؟ فَوَجْهُكَ الْوَجْهُ يَجِيءُ بِالْخَيْرِ، فَيَقُولُ: أَنَا عَمَلُكَ الصَّالِحُ.

قال الخطابي رحمه الله: "والفرق بين الفأل والطيرة أن الفأل إنما هو من طريق حسن الظن بالله عز وجل والطيرة إنما هي من طريق الاتكال على شيء سواه" انتهى من "غريب الحديث" (1/ 183).

وقال الحليمي رحمه الله: " وإنما كان صلى الله عليه وسلم يعجبه الفأل؛ لأن التشاؤم سوء ظن بالله تعالى بغير سبب محقق، والتفاؤل حسن ظن به، والمؤمن مأمور بحسن الظن بالله تعالى على كل حال" انتهى نقلا من "فتح الباري" لابن حجر (10/ 215).

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " أما الفأل فكان يعجب النبي صلى الله عليه وسلم لما فيه من التنشيط على الخير, والعمل به, فإذا أردت عملاً ثم صادفك من تحبه فنشطت على العمل, أو سمعت من يقول: يا سهل يا سهيل, يا صالح وما أشبه ذلك فنشطت فهذا طيب؛ لأنه ينشط على العمل" انتهى من "لقاء الباب المفتوح" (118/ 13).

والحاصل أن الكلمة الحسن أو رؤية الصالح أو الوجه الحسن، لا تأثير لها في فعل شيء، ولكن يتفاءل المرء بوجودها، إحسانا للظن بربه أنه ساق له ذلك بشارة له على إنجاح أمره.

والله أعلم.

العقيدة
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب