الحمد لله.
الزواج سبب من أسباب الرزق ، كما قال الله تعالى : ( وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ) النور/32 .
قال القرطبي رحمه الله : " الأيامى منكم أي الذين لا أزواج لهم من الرجال والنساء "
وقال : " قوله تعالى : ( إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله ) أي لا تمتنعوا عن التزويج بسبب فقر الرجل والمرأة ، إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله . وهذا وعد بالغنى للمتزوجين طلب رضا الله واعتصاماً من معاصيه . وقال ابن مسعود : التمسوا الغنى في النكاح ، وتلا هذه الآية . وقال عمر رضي الله عنه : عجبي ممن لا يطلب الغنى في النكاح ، وقد قال الله تعالى : ( إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله ) . وروي هذا المعنى عن ابن عباس رضي الله عنهما أيضاً "
وقال القرطبي أيضا : " هذه الآية دليل على تزويج الفقير ، ولا يقول كيف أتزوج وليس لي مال ؟ فإن رزقه على الله . وقد زوج النبي صلى الله عليه وسلم المرأة التي أتته تهب له نفسها لمن ليس له إلا إزار واحد " انتهى من "تفسير القرطبي" (12/218) .
وقال صلى الله عليه وسلم : ( ثَلاثَةٌ حَقٌّ عَلَى اللَّهِ عَوْنُهُمْ : الْمُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، وَالْمُكَاتَبُ الَّذِي يُرِيدُ الأَدَاءَ ، وَالنَّاكِحُ الَّذِي يُرِيدُ الْعَفَافَ ) رواه الترمذي (1579) والنسائي (3166) وابن ماجه (2509) والحديث حسنه الألباني في صحيح الترمذي .
فإذا كان هذا الشاب سيعقد النكاح ، وتبقى زوجته في بيت أبيها ، حتى يتيسر لهما إقامة بيت الزوجية ، فلا حرج في ذلك ، وعليه أن يسعى لتحصيل عملٍ ينفق منه على نفسه وأهله وبيته ، حتى لا تتضرر الزوجة ولا يتضرر أهلها بطول المدة .
وإن كان المراد أن زوجته ستنتقل إلى بيته ، وقد اتفقا على عدم المعاشرة ، حتى لا ينجبا في هذه المرحلة ، فهذا لا ينبغي لأن :
1- الامتناع عن المعاشرة فيه تفويت لشيء هو من أهم مصالح النكاح وهو حصول الولد .
2- الامتناع عن الإنجاب خشية الفقر من منافاة التوكل على الله تعالى ، وفيه مشابهة لأهل الجاهلية الذي كانوا يقتلون الأولاد خشية الفقر ، وقد تكفل الله تعالى برزق كل نفس فقال : ( وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ) هود/6 ، وقال : ( وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ ) الذاريات/22 .
وهنا ينبغي التنبيه على أمرين :
الأول : أن النكاح لابد فيه من اجتماع أركانه وشروطه ، من رضا المتعاقدين ، وخلوهما من الموانع الشرعية كالمحرمية والرضاع ، ووجود ولي المرأة ، وشاهدين ، وإلا كان نكاحا غير صحيح .
الثاني : أنه لا يجوز إقامة علاقة بين المرأة والرجل ، قبل الزواج ، لما يترتب عليها من المفاسد الكثيرة ، كتعلق القلب ، ومرضه ، وحصول النظر والخلوة والخضوع بالقول وغير ذلك مما حرم الله .
والله أعلم .