الاثنين 22 جمادى الآخرة 1446 - 23 ديسمبر 2024
العربية

هل يتزوجان ويتفقان على عدم المعاشرة حتى تتحسن حالتهما المادية ؟

67589

تاريخ النشر : 10-11-2006

المشاهدات : 27792

السؤال

في حالة ما إذا أعجب مسلم بفتاة مسلمة وقرر كل منهما إتمام عقد النكاح وهما يعلمان أنه (الشاب) لا يزال يدرس وأنه لا يملك حتى الآن ما يكفي للنفقة عليها ، وهما موافقان على الامتناع عن المعاشرة إلى أن تتحسن حالتهما المادية بما يكفي لإقامة عائلة . فهل يجوز ذلك في الإسلام ؟.

الجواب

الحمد لله.

الزواج سبب من أسباب الرزق ، كما قال الله تعالى : ( وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ) النور/32 .

قال القرطبي رحمه الله : " الأيامى منكم أي الذين لا أزواج لهم من الرجال والنساء "

وقال : " قوله تعالى : ( إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله ) أي لا تمتنعوا عن التزويج بسبب فقر الرجل والمرأة ، إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله . وهذا وعد بالغنى للمتزوجين طلب رضا الله واعتصاماً من معاصيه . وقال ابن مسعود : التمسوا الغنى في النكاح ، وتلا هذه الآية . وقال عمر رضي الله عنه : عجبي ممن لا يطلب الغنى في النكاح ، وقد قال الله تعالى : ( إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله ) . وروي هذا المعنى عن ابن عباس رضي الله عنهما أيضاً "

وقال القرطبي أيضا : " هذه الآية دليل على تزويج الفقير ، ولا يقول كيف أتزوج وليس لي مال ؟ فإن رزقه على الله . وقد زوج النبي صلى الله عليه وسلم المرأة التي أتته تهب له نفسها لمن ليس له إلا إزار واحد " انتهى من "تفسير القرطبي" (12/218) .

وقال صلى الله عليه وسلم : ( ثَلاثَةٌ حَقٌّ عَلَى اللَّهِ عَوْنُهُمْ : الْمُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، وَالْمُكَاتَبُ الَّذِي يُرِيدُ الأَدَاءَ ، وَالنَّاكِحُ الَّذِي يُرِيدُ الْعَفَافَ ) رواه الترمذي (1579) والنسائي (3166) وابن ماجه (2509) والحديث حسنه الألباني في صحيح الترمذي .

فإذا كان هذا الشاب سيعقد النكاح ، وتبقى زوجته في بيت أبيها ، حتى يتيسر لهما إقامة بيت الزوجية ، فلا حرج في ذلك ، وعليه أن يسعى لتحصيل عملٍ ينفق منه على نفسه وأهله وبيته ، حتى لا تتضرر الزوجة ولا يتضرر أهلها بطول المدة .

وإن كان المراد أن زوجته ستنتقل إلى بيته ، وقد اتفقا على عدم المعاشرة ، حتى لا ينجبا في هذه المرحلة ، فهذا لا ينبغي لأن :

1-  الامتناع عن المعاشرة فيه تفويت لشيء هو من أهم مصالح النكاح وهو حصول الولد .

2-  الامتناع عن الإنجاب خشية الفقر من منافاة التوكل على الله تعالى ، وفيه مشابهة لأهل الجاهلية الذي كانوا يقتلون الأولاد خشية الفقر ، وقد تكفل الله تعالى برزق كل نفس فقال : ( وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ) هود/6 ، وقال : ( وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ ) الذاريات/22 .

وهنا ينبغي التنبيه على أمرين :

الأول : أن النكاح لابد فيه من اجتماع أركانه وشروطه ، من رضا المتعاقدين ، وخلوهما من الموانع الشرعية كالمحرمية والرضاع ، ووجود ولي المرأة ، وشاهدين ، وإلا كان نكاحا غير صحيح .

الثاني : أنه لا يجوز إقامة علاقة بين المرأة والرجل ، قبل الزواج ، لما يترتب عليها من المفاسد الكثيرة ، كتعلق القلب ، ومرضه ، وحصول النظر والخلوة والخضوع بالقول وغير ذلك مما حرم الله .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب