الحمد لله.
أولاً :
قد ذكرت أن هذا المال كان مستثمراً في شركة مضاربة ، وليست كل الأموال التي يساهم بها في الشركات تجب فيها الزكاة ، بل في ذلك تفصيل ، وقد سبق بيانه في جواب السؤال رقم (69912) , فإن كانت الزكاة واجبة في هذا المال فعليك بالمبادرة بإخراجها ونسأل الله أن يتقبل منك .
ثانياً :
تأخير إخراج الزكاة - لعذر أو لغير عذر - لا يُسقطُها مع مضيِّ السنين ؛ لأنها حقٌّ أوجبه الله تعالى للفقراء والمساكين وسائرِ المستحقين .
قال النوويُّ في "المجموع" (5/302) :
" إذا مضت عليه سنون ولم يؤد زكاتها لزمه إخراج الزكاة عن جميعها " انتهى .
وجاء في "الموسوعة الفقهية" (23/298) :
" إذا أتى على المكلّف بالزّكاة سنون لم يؤدّ زكاته فيها ، وقد تمّت شروطُ الوجوبِ ، لم يسقط عنه منها شيءٌ اتّفاقًا ، ووجب عليه أن يؤدّيَ الزّكاة عن كلّ السّنينِ الّتي مضت ولم يخرج زكاتَه فيها " انتهى .
وانظر سؤال رقم (69798) .
فالواجب عليك المبادرة إلى إخراج الزكاة عن جميع السنواتِ الماضية ، قبل أن تأخذك النفسُ بالتسويف والتأجيل .
ولا يختلف الحكم سواء كان هذا المال ملكاً لأبيكم . أو كان ملكاً لكم وهو يستثمره لكم . لأن الزكاة واجبة فيه في الحالتين .
سئل الشيخ ابن عثيمين : عن رجلٍ تُوفيَ وفي ذمته زكاةٌ : فهل تُخرجُ وتُقدَّمُ على قسمةِ التركة ؟
فأجاب :
" إذا كان هذا الرجل المسؤولُ عنه يخرجُ الزكاةَ في حياته ، ولكن تم الحولُ ومات ، فعلى الورثةِ إخراجُ الزكاة ِ، لقوله صلى الله عليه وسلم : ( اقضوا الله ، فالله أحق بالوفاء ) .
وأما إذا كان تعمَّدَ ترك إخراج الزكاة ، ومَنعَها بخلاً : فهذا محلُّ خلافٍ بين العلماء رحمهم الله والأحوط والله أعلم أن الزكاةَ تُخرَج ؛ لأنه تعلَّقَ بها حقُّ أهلِ الزكاةِ فلا تسقط ، وقد سبق حقُّ أهل الزكاة في هذا المالِ حقَّ الورثة ، ولكن لا تبرأُ ذمة الميت بذلك ؛ لأنه مصرٌّ على عدمِ الإخراج ، والله أعلم " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (18/رقم 43) .
ثالثاً :
لا حرج في إخراج الزكاة من غير المال الذي وجبت فيه الزكاة ، كما لو أخرجتها من راتبك أو غيره ، وقد نص على ذلك أهل العلم .
قال ابن قدامة :
" وإخراج الزكاة من غير النصاب جائز ".
"المغني" (2/287) .
بل نقل بعض أهل العلم الإجماع على ذلك :
قال عبد العزيز بن أحمد البخاري : يجوز بالإجماع أداء حقِّ الفقيرِ من غير النصاب .
"كشف الأسرار" (3/370) .
والله أعلم .