زوج قريبتها خالف نظام الصحة في مخبزه فهل تغرمه من أجل ذلك ؟

05-11-2006

السؤال 75636

أنا أعمل بإدارة التصدي للمخالفات الاقتصادية بجميع أنواعها ، وقد صادف واشتريت رغيف خبز ووجدت به فضلات فئران ، وقد أقسمت بأن أتتبع صاحب المخبز لتقصيره في النظافة ، كما أني أعرف أن فضلات الفأر من النجاسة ، وعرفت أن المخبز على ملك رجل تربطني به صلة رحم ، وبالمناسبة أردت معرفة هذه النقطة هل تعد صلة رحم أم لا ؟ حيث إن زوجة هذا الرجل هي ابنة بنت عم لجدي من أبي ؟
ونظراً لأن هذه ليست المرة الأولى التي نجد بالخبز أوساخ عديدة ، فقمت بالإجراءات اللازمة وتمت تخطئته على عدة مخالفات وجدوها عند المعاينة ، وبالطبع توجهت أصابع الاتهام نحوي من جميع أفراد عائلته وحتى بعض أفراد عائلتي .
فقط أردت أن ترشدني هل أنا مذنبة أمام الله ؟.

الجواب

الحمد لله.

أولاً :

الرحم الذين أمر الله تعالى بصلتهم هم الأقارب من جهة الأب ومن جهة الأم ، ومنهم الأعمام وأولادهم ، وعليه فتكون ابنة بنت عمك من الأرحام .

قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :

" الأرحام هم الأقارب من النسب من جهة أمك وأبيك ، وهم المعنيون بقول الله سبحانه في سورة الأنفال والأحزاب : ( وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتابٍ الله ) .

وأقربهم : الآباء والأمهات والأجداد وأولادهم ما تناسلوا ، ثم الأقرب فالأقرب من الإخوة وأولادهم ، والأعمام وأولادهم ، والعمات وأولادهم ، والأخوال والخالات وأولادهم .

وقد صحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلَّم أنه قال لما سأله سائل قائلاً : من أبرّ يا رسول الله ؟ قال : أمك ، قال : ثم من ؟ قال : أمك ، قال : ثم من ؟ قال : أباك ، ثم الأقرب فالأقرب . خرَّجه الإمام مسلم في صحيحه ، والأحاديث في ذلك كثيرة "انتهى .

" فتاوى إسلامية " ( 4 / 195 ) .

ثانياً :

قد أوجب الله تعالى على المسلمين أداء الأمانة ، والقيام بالشهادة بالقسط ولو كانت على النفس أو على الوالدين أو على الأقارب .

قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا ) النساء/135 .

وقد أساء زوج قريبتك بتهاونه في نظافة الخبز ، فلا ينبغي أن تكون قرابة زوجته لك حائلة بينك وبين القسط والعدل وأداء واجب الوظيفة بعدل وأمانة وإتقان ، رحمةً له ورحمةً للناس ، رحمةً له حتى لا يقع منه التعدي على الناس والظلم لهم ، ورحمةً للناس حتى لا يأكلوا النجس والقذر بسبب سوء أفعاله ، وقد جاء الأمر النبوي بنصرة الظالم وذلك بالأخذ على يده .

فعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا ، فَقَالَ رَجُلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْصُرُهُ إِذَا كَانَ مَظْلُومًا ، أَفَرَأَيْتَ إِذَا كَانَ ظَالِمًا كَيْفَ أَنْصُرُهُ ؟ قَالَ : تَحْجُزُهُ - أَوْ تَمْنَعُهُ - مِنْ الظُّلْمِ فَإِنَّ ذَلِكَ نَصْرُهُ ) رواه البخاري ( 6552 ) .

وما فعله صاحب هذا المخبز منكر يجب إنكاره وتغييره لمن قدر على ذلك ، وبما أنكِ في موقع سلطة فأنت تملكين تغييره باليد ، وهذا واجب عليك .

فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإيمان ) رواه مسلم ( 49 ) .

قال النووي رحمه الله :

" واعلم أن هذا الباب أعني باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قد ضيع أكثره من أزمان متطاولة , ولم يبق منه في هذه الأزمان إلا رسوم قليلةٌ جدّاً ، وهو باب عظيم ، به قوام الأمر وملاكه ، وإذا كثر الخبث عم العقاب الصالح والطالح ، وإذا لم يأخذوا على يد الظالم أوْشك أن يعمهم الله تعالى بعقابه ( فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم ) فينبغي لطالب الآخرة والساعي في تحصيل رضا الله عز وجل أن يعتني بهذا الباب , فإن نفعه عظيم لا سيما وقد ذهب معظمه , ويخلص نيته , ولا يهادن من ينكر عليه لارتفاع مرتبته ; فإن الله تعالى قال : ( ولينصرن الله من ينصره ) ، وقال تعالى : ( ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم ) ، وقال تعالى : ( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا ) ، وقال تعالى : ( أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين ) واعلم أن الأجر على قدر النصب , ولا يتاركه أيضا لصداقته ومودته ومداهنته وطلب الوجاهة عنده ودوام المنزلة لديه ; فإن صداقته ومودته توجب له حرمة وحقّاً , ومن حقه أن ينصحه ويهديه إلى مصالح آخرته , وينقذه من مضارها ، وصديق الإنسان ومحبه هو من سعى في عمارة آخرته وإن أدى ذلك إلى نقص في دنياه ، وعدوه من يسعى في ذهاب أو نقص آخرته وإن حصل بسبب ذلك صورة نفع في دنياه " انتهى .

" شرح مسلم " ( 2 / 24 ) .

وهو كلام نفيس فيه جماع ما أردنا تبيينه وتوضيحه ، ونسأل الله تعالى أن يهدي زوج قريبتك ، وأن يصلح حاله ، ولا تلتفتي إلى من يرى أنك أخطأتِ في تغريمه ومخالفته ، بل هذا هو الحكم بالقسط ، وهذا من الرحمة به ، بخلاف من يريد له الإثم والعقوبة الأخروية ممن ينكر عليك فعلك .

والله أعلم .

الأموال المحرمة أحكام الوظائف
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب