الحمد لله.
نسأل الله تعالى أن يصلح أحوال المسلمين ، وأن يهدي أصحاب القنوات الإعلامية لما فيه خير العباد ، وأن يعينهم على نشر الصدق والعفاف .
وللأسف ! قلما تخلو صحيفة أو مجلة من محاذير شرعية توجب هجر بيعها وشرائها ، ومن باب أولى هجر العمل فيها ، ومن هذه المحاذير :
1. وجود الأبراج والتكهن لأصحابها ، وهذا من كبائر الذنوب ، وقد يصل بصاحبه للكفر .
2. وجود جداول ببرامج القنوات الفضائية ، والغالب على هذه البرامج نشر المنكرات والفواحش .
3. وجود صور الفاتنات والفاجرات .
4. وجود الدعايات للبنوك والشركات التي تبيع المحرم وتصنعه .
5. وجود الرسوم الكاريكاتورية ، وهي محرمة لأنها رسم باليد لذوات الأرواح في غالبها .
6. النفاق للسلطان والحكومات بمدحها وهي غير مستحقة .
7. التقول على الشرع بالفتاوى الباطلة ، والطعن في الإسلام بالمقالات المنحرفة .
وغير ذلك من المحظورات والمحاذير الشرعية ، وهي تقل وتكثر ، وتقوى وتضعف بحسب الدولة ونظامها ، وبحسب الصحيفة وإدارتها .
ولذا جاءت فتاوى أهل العلم بالمنع من بيع وشراء الصحف والمجلات التي تحوي بعض تلك المحاذير ، فكيف إن اجتمع فيها عدة محاذير ؟! وكيف إذا كان الأمر في حكم القيام على تنفيذ هذه الصحف وإخراجها ؟! .
1. قال الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله - :
لا يجوز لكم - ولا لغيركم - بيع الصحف والمجلات المشتملة على الصور النسائية ، أو المقالات المخالفة للشرع المطهر ؛ لقول الله سبحانه : ( وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب ) .
" فتاوى إسلامية " ( 2 / 371 ) .
2. وسئل الشيخ عبد الله بن جبرين – حفظه الله - :
أنا شاب عمري 21سنة توفي والدي ، وعندي خمسة إخوان ووالدتي ، وترك لنا محلات تجارية ، ومن بينها مكتبة لبيع الصحف والمجلات ، وكتب دينية ومصاحف ، وفي المكتبة عامل غير مسلم ، وأخبرت أخي الكبير أنه لا يجوز لهذا العامل أن يمس المصاحف والكتب الدينية ، كما لا يجوز بيع المجلات التي فيها صور ورفض ما قلت له ، فماذا أفعل ؟ هل يجوز لي الجلوس مع إخوتي والأكل معهم ؟
فأجاب :
نشكرك على ورعك وتحرجك عن الحرام أو عن المشتبه ، وننصحك بأن تحاول إبعاد هذا الكافر ، وستجدون مسلماً أميناً خيراً منه بكثير إن شاء الله .
فأما المجلات : فإذا كانت خليعة تدعو إلى التهتك والفجور : فحرام بيعها وربحها وتعاطي التجارة فيها ، فإن كانت الصور التي بها عادية وهي خالية عن الدعارة والفساد : فلا بأس ببيعها ويكون البيع والثمن لما فيها من العلوم والفوائد والكلام المباح ، وتكون الصور غير مقصودة لكم ، وننصحك بالإقامة مع إخوتك والأكل معهم ، ولا إثم عليك إن شاء الله .
" فتاوى إسلامية " ( 2 / 371 ، 372 ) .
3. وسئل الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله – أيضاً - :
ما حكم الرسم ( الكاريكاتيري ) والذي يشاهد في بعض الصحف والمجلات ويتضمن رسم أشخاص ؟
فأجاب :
الرسم المذكور لا يجوز ، وهو من المنكرات الشائعة التي يجب تركها لعموم الأحاديث الصحيحة الدالة على تحريم تصوير كل ذي روح سواء كان ذلك بالآلة أو باليد أو بغيرهما .
ومن ذلك ما رواه البخاري في الصحيح عن أبي جحيفة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم ( لعن آكل الربا وموكله ، ولعن المصور ) ، ومن ذلك أيضاً ما ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( أشد الناس عذابا يوم القيامة المصورون ) وقوله صلى الله عليه وسلم : ( إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة ويقال لهم : أحيوا ما خلقتم ) ، إلى غير ذلك الأحاديث الكثيرة في هذا الموضوع ، ولا يستثنى من ذلك إلا من تدعو الضرورة إلى تصويره لقول الله عز وجل : ( وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه ) .
أسأل الله أن يوفق المسلمين للتمسك بشريعة ربهم والاعتصام بسنة نبيهم صلي الله عليه وسلم والحذر مما يخالف ذلك ، إنه خير مسؤول .
" فتاوى إسلامية " ( 4 / 362 ، 363 ) .
4. وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله - :
أقول للمسؤولين عن هذه الصحف : إنهم مسؤولون أمام الله عز وجل حينما يقفون بين يديه عز وجل ، يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم ، إن هؤلاء الذين ينشرون هذه المنكرات إنهم مسؤولون عن أي نتيجة تحدث من جراء ما نشروه ، إن المجتمع إذا صار مجتمعاً بهيميّاً : فإنه لا يمكن أن يحق حقّاً ولا ينكر باطلاً ، لا يمكن أن يخضع لأوامر الله فضلا عن أوامر عباد الله عز وجل ، وبهذا تكون الفوضى التي لا حدود لها ... .
وقال :
ومن مفاسد هذه الصحف : ما يحصل للقلب من هيام في الحب وإغراق في الخيال الذي لا حقيقة له ، فهو كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً ووجد الله عنده فوفاه حسابه والله سريع الحساب .
ومن مفاسد هذه الصحف والمجلات : أنها تؤثر على الأخلاق والعادات بما يشاهد فيها من صور وأزياء فينقلب المجتمع إلى مجتمع مطابق لتلك المجتمعات الفاسدة .
فيا أيها المؤمنون قاطعوا هذه الصحف والمجلات ، لا تعينوا ناشريها على إثمهم ؛ فإن شراءكم إياها إثراءٌ لهم وتقوية لرصيدهم المالي وإغراء لهم في نشرها وعلى ما هو أفظع من ذلك ، فيكون المشترك والمشتري والقابل لها معيناً على الإثم والعدوان ، وتذكروا يا أيها المؤمنون تذكروا قول الله عز وجل : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ) اللهم هل بلغت ؟ اللهم هل بلغت ؟ اللهم هل بلغت ؟ اللهم اشهد عليَّ بما أقول ، واشهد على هؤلاء بما يسمعون ، وإنه يجب عليكم وأقولها وأكررها : يجب عليكم أن تقاطعوا هذه الصحف والمجلات وأن تحرقوا ما كان موجوداً منها بين أيديكم حتى تسلموا من إثمها .
" فتـاوى إسلامية " ( 4 / 381 – 383 ) باختصار .
5. وقال الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله - :
لا يجوز إصدار المجلات التي تشتمل على نشر الصور النسائية ، أو الدعاية إلى الزنا والفواحش ، أو اللواط ، أو شرب المسكرات ، أو نحو ذلك مما يدعو إلى الباطل ويعين عليه ، ولا يجوز العمل في مثل هذه المجلات لا بالكتابة ولا بالترويج ؛ لما في ذلك من التعاون على الإثم والعدوان ، ونشر الفساد في الأرض ، والدعوة إلى إفساد المجتمع ونشر الرذائل وقد قال الله عز وجل في كتابه المبين : ( وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب ) .
" فتاوى إسلامية " ( 4 / 384 ) .
6. وسئل الشيخ عبد الله الجبرين – حفظه الله - :
فضيلة الشيخ ، نأمل توضيح حكم الشرع فيما يعرض في بعض المجلات الساقطة بما يسمى بالبروج كبرج الثور وبرج العقرب وغيرها ، ويزعمون بأن من ولد في برج الثور مثلاً سيحدث له كذا .. ، ويسافر إلى بلاد .. ونحوه مما فيه ادعاء علم الغيب ، وكل برج له أحوال خاصة يتحدث بأصحابه ؟
فأجاب :
البروج هي منازل الشمس وهي اثنا عشر برجاً ، أقسم الله تعالى بقوله : ( والسماء ذات البروج ) ، وهي الحمل والثور والجوزاء والسرطان والأسد والسنبلة والميزان والعقرب والقوس والجدي والدلو والحوت ، وهي أشهر عادية ، ولا يعلم ما يحدث فيها إلا الله تعالى ، فمن ادَّعى أنه يحدث في برج الثور كذا ، أو في برج العقرب كذا : فهو ممن يدعي علم الغيب الذي لا يعلمه إلا الله تعالى ، ولا يجوز التخرص بالنظر في الأنواء أو في البروج والمنازل إلا بما يفيد الإنسان إيماناً وإسلاماً ، والله أعلم .
" فتاوى إسلامية " ( 4 / 386 ) .
7. وسئل علماء اللجنة الدائمة :
ما حكم من يسمح بدخول المجلات التي فيها صور ومقالات محرمة شرعاً إلى بيته وإلى أهله ؟
فأجابوا :
لا يجوز للمسلم أن يُدخل في بيته مجلات أو روايات فيها مقالات إلحادية ، أو مقالات تدعو إلى البدع والضلال ، أو تدعو إلى المجون والخلاعة ؛ فإنها مفسدة للعقيدة والأخلاق ، وكبير الأسرة مسئول عن أسرته ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( الرجل راع في بيته وهو مسئول عن رعيته ) .
" فتاوى إسلامية " ( 4 / 387 ) .
8. وسئل الشيخ عبد الله الجبرين – حفظه الله - :
تمارس جريدة ### دوراً سيئاً في تشويه أخبار المسلمين ، والكتم على قضاياهم ، وتشويه صورة الإسلام ، والنيل من قضايا الإسلام ، ومعالجتها بطريقة لا تخدم المصلحة الإسلامية بحال من الأحوال ، كما أنها تتابع أخبار الفنانين والفنانات من الكفار وغيرهم وتبرز صورهم ، فما رأيكم في هذه الجريدة ؟ وما حكم بيعها وشرائها وتوزيعها واقتنائها ؟ .
فأجاب :
إذا كان الأمر كما ذكر أعلاه : فإن التعامل معها طريق لتشجيعها وترويجها وتمكينها مع ما فيها ، وما تحدثه من الأضرار في المعتقد ، لذلك أرى النهي عن اقتنائها وشرائها وتوزيعها ، وأشير على كل ناصح أن يجتنب المساهمة فيها ، أو النشر فيها ؛ فإن ذلك ذريعة إلى إماتتها ، وإخماد ذكرها ، حتى تتغير عن هذا الأسلوب ، وتستبدل خيراً من هذه الطريقة .
" فتاوى إسلامية " ( 4 / 388 ) .
والخلاصة :
أنك رأيت فتاوى أهل العلم ، وما ذكروه من أسباب تحريم العمل في الصحف والمجلات التي تخالف الشرع ، وكذا حكم بيعها وشرائها ، ورأيت ما قدمناه في أول الجواب ، وعليه : فيمكنك أن تتأمل تلك الفتاوى لترى مدى انطباقها على الجريدة التي تعمل بها ، فإذا كانت هناك محاذير شرعية فيها : فلا تعمل بها ، واتق الله تعالى في نفسك ، واعلم أن الله تعالى قد وعدك خيراً إن اتقيته ، وجاء في السنة ما يبشرك بخير إن تركت العمل فيها لأجل الله تعالى .
قال تعالى : ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً . وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً ) الطلاق/2،3 ، وقال تعالى : ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً ) الطلاق/4 .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : (من ترك شيئاً لله عوَّضه الله خيراً منه ) صححه الألباني رحمه في " حجاب المرأة المسلمة " ( ص 49 ) .
وإذا رأيت أن بقاءك فيها يمكنك من تغيير بعض هذه المنكرات أو تقليلها والأمر بالمعروف ؛ وفتح المجال لأهل الاستقامة للكتابة فيها والدفاع عن الإسلام .... ونحو ذلك من المنافع ، فنرجو أن يكون بقاؤك فيها خيراً وتثاب عليه وعلى ما تبذله من جهد في تقليل المنكرات إن شاء الله تعالى .
أما إذا كنت عاجزاً عن ذلك والصحيفة مليئة بالمنكرات فليس أمامك إلا تركها ، والله تعالى يعوضك خيراً منها .
والله أعلم .