إذا كان شارب الخمر لا تقبل صلاته أربعين يوما فهل لا يقبل حجه أيضا
طلعت مع أصدقائي وشربت معهم خمر ، وأنوي الحج هذه السنة , وسمعت أن الذي يشرب الخمر لا تقبل صلاته أربعين يوم ,, هل إذا حججت هذه السنة لن يقبل حجي بسبب فعلتي القبيحة ؟
الجواب
الحمد لله.
شرب الخمر كبيرة من كبائر الذنوب ، وقد جاء في وعيد من فعل ذلك أحاديث كثيرة تدل
على عظم هذه الجريمة ، وعظم عقوبتها عند الله ، ومن ذلك عدم قبول الصلاة مدة أربعين
يوما . وقد سبق بيان ذلك في الجواب رقم (20037)
و (38145) و(27143)
.
وذهب جماعة من أهل العلم إلى أن الأمر ليس خاصا بالصلاة ، بل لا تقبل العبادات
الأخرى أيضا ، نسأل الله العفو والعافية .
قال المباركفوري في تحفة الأحوذي "وَقِيلَ : إِنَّمَا خَصَّ الصَّلاةَ بِالذِّكْرِ
لأَنَّهَا أَفْضَلُ عِبَادَاتِ الْبَدَنِ , فَإِذَا لَمْ تُقْبَلْ فَلأَن لا
يُقْبَلُ غيرها من العبادات أَوْلَى" اهـ من
تحفة الأحوذي بتصرف وكذا قال
العراقي والمناوي .
وقد نبهنا في الأجوبة المحال عليها إلى أمرين :
الأول : أن عدم القبول ، يعني عدم حصول الثواب ، ولا يعني أن يترك الإنسان العبادة
، بل إذا تركها فقد اقترف ذنبا آخر ، وربما كان أعظم من شرب الخمر ، كترك الصلاة .
ومن كان مستطيعا للحج ، فإنه يجب عليه فورا ، عند جمهور العلماء ، ولا يجوز له
تأخيره ، فإذا أخره كان آثما .
الثاني : أن هذه العقوبة على شرب الخمر إنما هي في حق من لم يتب ، أما من تاب وأناب
إلى الله فإن الله يتوب عليه ويتقبل منه أعماله .
وبهذا تعلم أنه يجب عليك أن تتوب إلى الله تعالى ، وأن تعزم على عدم العود لذلك
أبدا . وينبغي أن تكثر من الأعمال الصالحة ، ومنها الحج ، فإن الحج المبرور ليس له
جزاء إلا الجنة ، وإذا اجتمع الحج المبرور مع التوبة ، كُفّرت جميع السيئات ،
صغيرها وكبيرها .
والحذر الحذر من هذه الرفقة السيئة التي جرّتك إلى هذه المعصية العظيمة ، وأوقعتك
في هذا الإثم الكبير ، فبادر بنصحهم ودعوتهم للتوبة والرجوع إلى الله ، فإن
استجابوا وإلا ففر منهم فرارك من الأسد ، فإن المرء يحشر مع من أحب يوم القيامة ،
وإن صحبة الفاجر لا يأتي من ورائها إلا الخسران والبوار ، قال تعالى : ( وَيَوْمَ
يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ
الرَّسُولِ سَبِيلًا يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا
لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ
لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا ) الفرقان/27- 29
نسأل الله تعالى أن يتوب عليك
ويصفح ويتجاوز عنك وأن يهديك صراطه المستقيم ، ويثبتك عليه ، ويصرف عنك شياطين
الإنس والجن .
والله أعلم .